وفي رواية بريدا. وليس في هذا الحديث ذكر القصر ولا هو في سياقه والاحتجاج به مجرد تخمين وأحسن ما ورد في التقدير ما رواه شعبة عن يحيى بن زيد الهنائي قال: "سألت أنسا عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين" والشك من شعبة أخرجه مسلم رحمه الله وغيره.

فإن قلت محل الدليل في نهي المرأة عن السفر تلك المسافة بدون محرم هو كونه صلى الله عليه وسلم سمى ذلك سفرا.

قلت تسميته سفرا لا تنافي تسمية ما دونه سفرا فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم مسافة ثلث سفرا كما سمى مسافة البريد سفرا في ذلك الحديث باعتبار اختلاف الرواية وتسمية البريد سفرا لا ينافي تسمية ما دونه سفرا.

فإن قلت أخرج الدارقطني والبيهقي والطبراني من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان".

قلت في إسناده عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر وهو متروك وفي المسألة مذاهب هذا أرجحها لدي.

وأما كونه إذا أقام المتردد ببلد قصر إلى عشرين يوما ثم يتم فوجهة أن من حط رحله بدار إقامة فقد ذهب عنه حكم السفر وفارقته المشقة فلولا أن الشارع سمى من أقام كذلك مسافرا وقال: "أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر" لما كان حكم السفر ثابتا له فالواجب الاقتصار في القصر مع الإقامة على المقدار الذي سوغه الشارع وما زاد عليه فللمسافر حكم المقيم يجب عليه أن يتم صلاته لأنه مقيم لا مسافر وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في غزوة الفتح قيل ثماني عشرة ليلة وقيل أقل من ذلك وفي صحيح البخاري وغيره تسع عشرة ليلة وأخرج أحمد وأبو داود من حديث جابر قال: "أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة" وأخرجه أيضا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015