عن قلوب طاهرة، ثمّ يزيدها التعاون تأثيرا دائما، وإنما كان في يوم الجمعة وقت مبهم يستجاب فيه الدعاء؛ لأن اجتماع القلوب الصافية فيه في وقت واحد مبهم، لا يدرى متى يتفق، لكن الغالب أن اليوم لا يخلو عنه، وهو وقت النفحات التي يتعرض لها، وربما كان اجتماع الهمم يوم الجمعة عند الأسباب الجامعة كابتداء الخطبة وابتداء الصلاة وهو أولى، وإن كان الأولى عدم الجزم بتعيين وقت، ولذلك تتوقع النفحات في الأسحار لصفاء القلوب، فإذا كانت الأدعية مؤثرة في استجلاب مزايا الفضل، وكان ما وعد به صلى الله عليه وسلم من نحو الحوض والشفاعة وسائر المقامات المحمودة غير محدود على وجه لا تتصوّر الزيادة فيها.. كان استمداده من الأدعية استزادة لتلك الكرامات.

الأمر الثاني:

ارتياحه به كما قال صلى الله عليه وسلم: «إني أباهي بكم الأمم» (?) كما يرتاح العالم في مدة الحياة بكثرة تلامذته، وكثرة ثنائهم وثباتهم، ودعائهم الدالّ على رشدهم، وعلى كمال تأثير إرشاده فيهم، وعلى كمال محبتهم له؛ بسبب إرشاده إياهم، فكذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يرتاحون.

ولا يبعد أن يكون لهم جزء في الدعاء والصلاة، مع سقوط الحواس الخمس، فليس الإدراك محصورا فيها، بل في القلب باب مفتوح في الباطن إلى الملكوت (?) ، تغلقه الشواغل والشهوات، وربما يفتحه الندم الدافع لهما حتى يطلعه على الغيب، بل على أحوال الموتى حتى يعرف ما يفعل الله بهم من عقوبة أو رحمة، فإذا لم يبعد أن تحصل لنا معرفة بأحوالهم مع انغماسنا في هذا العالم المظلم.. لم يبعد أن تحصل لهم معرفة بمجاري أحوالنا، مع أنهم في عالم القدس والصفاء ودار الحيوان، ولاطلاع النائم على أحوال الموتى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015