ويجاب بأنه لا مانع من أن الصلاة رحمة خاصة، فلما فيها من ذلك الخصوص غوير بينهما بالعطف.

ثم رأيت الزمخشري صرح بما يؤول لذلك، حيث قال في تفسير الآية:

(الصلاة: الحنو والتعطّف، فوضعت موضع الرأفة، وجمع بينها وبين الرحمة كقوله: رَأْفَةً وَرَحْمَةً لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ والمعنى: عليهم رأفة بعد رأفة، ورحمة أيّ رحمة) (?) .

وبأنه إنما احتيج إلى السؤال عن كيفيتها ليحيطوا بذلك الخصوص، وليس المراد بتفسير (صلّى) ب (رحم) إلا بيان أن المعنى الموضوع له (صلّى) هو الموضوع له (رحم) ، مع قطع النظر عن معنى التعدّي واللزوم؛ فإن الرّديفين قد يختلفان في ذلك، وهو غير ضار، فزعم أن ذلك لا يحسن، وأنه يلزم جواز (رحم عليه) .. ليس في محله، على أنه يحسّن تعدية (صلّى) ب (على) دون (رحم) ما في الأول من ظهور معنى التحنّن والتّعطّف؛ بدليل ما مرّ عن الزمخشري.

ولا يرد على هذا القول عطف الملائكة في: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ إما لما يأتي في معناها من الملائكة، أو لأن الملائكة لمّا كانوا مستجابي الدعوة.. جعلوا كأنهم فاعلون للرحمة والرأفة، قاله الزمخشري (?) ، وفيه جمع بين الحقيقة والمجاز.

فالأولى أنها موضوعة هنا للقدر المشترك، وهو الاعتناء بالمصلّى عليه، كما يأتي عن الغزالي وغيره (?) ، أو إرادة وصول الخير؛ فالله تعالى يريد وصوله إليهم برحمته إياهم، وملائكته يريدون ذلك بالاستغفار لهم.

ولا يرد عليه أيضا إجماعهم على جواز الترحم على غير الأنبياء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015