أي: استقلالا، ويدل له قوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً، والصلاة وإن كانت بمعنى الرحمة، إلا أنه كالأنبياء صلّى الله عليهم وسلّم خصّوا بها تعظيما لهم، وتمييزا لمرتبتهم الرفيعة على غيرهم، على أنها في حقهم ليست بمعنى مطلق الرحمة، بل المراد بها ما هو أخص من ذلك، كما مر في المقدمة.
نعم؛ ظاهر قول الأعرابي السابق: (اللهم؛ ارحم محمدا) وتقريره صلى الله عليه وسلم له.. الجواز، ولو بدون انضمام صلاة أو سلام إليها، وهو الذي يتجه، وتقريره المذكور خاص، فيقدم على العموم الذي اقتضته الآية، وينبغي حمل قول من قال: (لا يجوز ذلك) على أن مرادهم نفي الجواز المستوي الطرفين، فيصدق بأن ذلك مكروه، أو خلاف الأولى، وإنما دعي له بالرحمة مع أنه عينها بنص: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ؛ لأن كونه رحمة لهم من جملة رحمة الله عز وجل له صلى الله عليه وسلم، ولله عليه رحمات أخر، فطلب له بالدعاء بالرحمة حصول نظائر تلك.
في زيادة (سيدنا) قبل (محمد) خلاف، فأما في الصلاة: فقال المجد اللغوي: (الظاهر أنه لا يقال؛ اقتصارا على الوارد) (?) ، وقال الإسنوي:
(في حفظي: أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام بناه على أن الأفضل امتثال الأمر أو سلوك الأدب؟ فعلى الثاني: يستحب) اهـ
وهذا هو الذي ملت إليه في «شرح الإرشاد» وغيره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما جاء وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يؤم الناس فتأخر.. أمره أن يثبت مكانه، فلم يمتثل، ثم سأله بعد الفراغ عن ذلك، فأبدى له أنه إنما فعله تأدبا بقوله: (ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله