ومن ثمّ قال النيسابوري: لا يكفي صليت على محمد؛ لأن مرتبة العبد تقصر عن ذلك، بل يسأل ربه أن يصلّي عليه، وحينئذ فالمصلّي حقيقة هو الله تعالى، وتسمية العبد مصليا عليه مجاز عن سؤاله الصلاة من الله تعالى عليه.

ويؤيده قول أبي اليمن ابن عساكر: (حسن قول من قال: لمّا أمرنا الله تعالى بالصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم.. لم نبلغ معرفة فضيلتها، ولم ندرك حقيقة مراد الله عزّ وجل فيه، فأحلنا ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، فقلنا: اللهم؛ صل أنت على رسولك؛ لأنك أعلم بما يليق به، وبما أردته له صلى الله عليه وسلم) .

[عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد) ، وبالضمير في التشهد]

ويجوز إبدال لفظ (محمد) ب (النبي) و (رسول الله) ، لا ب (أحمد) ، ولا بالضمير، وإن سبق ما يعود عليه؛ لأن العلم يشبه المتعبد به؛ فلم يجزىء نظيره، وأجزأ عنه الوصف؛ لأنه أعلى منه، وظاهر أنه لا يجزيء (الرسول) بدل (النبي) لقول الشافعي رضي الله عنه، كما نقله البيهقي والعبّادي: (يكره أن يقال: «قال الرسول» ، ولكن «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» تعظيما له) (?) أي: لأن لفظ الرسول يشمل غير النبي، فلا تعظيم فيه، ولا ينافيه قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لأنه سبحانه وتعالى يخاطب عبده بما شاء، على أن فيه غاية التعظيم؛ إذ معناه: يا أيها الرسول عنّي، بخلافه من غيره؛ فإنه ليس نصّا في ذلك، وإن قال عقبه: صلى الله عليه وسلم.

ولا تجزىء الصلاة إلا بعد فراغ جميع التشهد، لأنها ركن مستقل، فوجب الترتيب بينهما، ووقع لبعضهم هنا وهم، فاحذره.

وإنما اكتفي في الوجوب ب (اللهم؛ صلّ على محمد) مثلا، مع مخالفته للكيفيات الواردة في تعليم الصلاة؛ لأن الوجوب ثبت بنص القرآن بقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015