وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة لمن عمل الْكَبَائِر من أمتِي ثمَّ مَاتُوا عَلَيْهَا فهم فِي الْبَاب الأول من جَهَنَّم لَا تسود وُجُوههم وَلَا تزرق أَعينهم وَلَا يغلون بالأغلال وَلَا يقرنون مَعَ الشَّيَاطِين وَلَا يضْربُونَ بالمقامع وَلَا يطرحون فِي الأدراك
مِنْهُم من يمْكث فِيهَا سَاعَة وَمِنْهُم من يمْكث يَوْمًا ثمَّ يخرج وَمِنْهُم من يمْكث شهرا ثمَّ يخرج وَمِنْهُم من يمْكث فِيهَا سنة ثمَّ يخرج وأطولهم مكثاً فِيهَا مثل الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقت إِلَى يَوْم أفنيت وَذَلِكَ سَبْعَة آلَاف سنة ثمَّ إِن الله عز وَجل إِذا أَرَادَ أَن يخرج الْمُوَحِّدين مِنْهَا قذف فِي قُلُوب أهل الْأَدْيَان فَقَالُوا لَهُم كُنَّا نَحن وَأَنْتُم جَمِيعًا فِي الدُّنْيَا فآمنتم وكفرنا وصدقتم وكذبنا وأقربتم وجحدنا فَمَا أغْنى ذَلِك عَنْكُم نَحن وَأَنْتُم فِيهَا جَمِيعًا سَوَاء تعذبون وتخلدون كَمَا نخلد فيغضب الله عِنْد ذَلِك غَضبا لم يغضبه من شَيْء فِيمَا مضى وَلَا يغْضب من شَيْء فِيمَا بَقِي فَيخرج أهل التَّوْحِيد مِنْهَا إِلَى عين بَين الْجنَّة والصراط يُقَال لَهَا نهر الْحَيَاة فيرش عَلَيْهِم من المَاء فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل مَا يَلِي الظل مِنْهَا أَخْضَر وَمَا يَلِي الشَّمْس مِنْهَا أصفر ثمَّ يدْخلُونَ الْجنَّة فَيكْتب فِي جباههم عُتَقَاء الله من النَّار إِلَّا رجلا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يمْكث فِيهَا بعدهمْ ألف سنة ثمَّ يُنَادي يَا حنان يَا منان فيبعث الله إِلَيْهِ ملكا ليخرجه فيخوض فِي النَّار فِي طلبه سبعين عَاما لَا يقدر عَلَيْهِ ثمَّ يرجع فَيَقُول: يَا رب إِنَّك أَمرتنِي أَن أخرج عَبدك فلَانا من النَّار وَإِنِّي طلبته فِي النَّار مُنْذُ سبعين سنة فَلم أقدر عَلَيْهِ فَيَقُول الله عز وَجل: انْطلق فَهُوَ فِي وَادي كَذَا وَكَذَا تَحت صَخْرَة فَأخْرجهُ
فَيذْهب فيخرجه مِنْهَا فيدخله الْجنَّة ثمَّ إِن الجهنميين يطْلبُونَ إِلَى الله أَن يمحى ذَلِك الإِسم عَنْهُم فيبعث الله إِلَيْهِم ملكا فَيَمْحُو عَن جباههم ثمَّ إِنَّه يُقَال لأهل الْجنَّة وَمن دَخلهَا من الجهنميين اطلعوا إِلَى أهل النَّار فيطلعون إِلَيْهِم فَيرى الرجل أَبَاهُ وَيرى أَخَاهُ وَيرى جَاره وَيرى صديقه وَيرى العَبْد مَوْلَاهُ ثمَّ أَن الله عز وَجل يبْعَث إِلَيْهِم مَلَائِكَة باطباق من نَار ومسامير من نَار وَعمد من نَار فيطبق عَلَيْهِم بِتِلْكَ الأطباق وتسمر بِتِلْكَ المسامير وتمد بِتِلْكَ الْعمد وَلَا يبْقى فِيهَا خلل يدْخل فِيهِ روح وَلَا يخرج مِنْهُ غم وينساهم الْجَبَّار على عَرْشه ويتشاغل أهل الْجنَّة بنعيمهم وَلَا يستغيثون بعْدهَا أبدا وَيَنْقَطِع الْكَلَام فَيكون كَلَامهم زفيراً وشهيقاً فَذَلِك قَوْله: {إِنَّهَا عَلَيْهِم مؤصدة فِي عمد ممددة} يَقُول: مطبقة وَالله أعلم