أمرت أَن أقرئك سُورَة فأقرأنيها {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة فِيهَا كتب قيمَة} أَي ذَات الْيَهُودِيَّة والنصرانية إِن أقوم الدّين الحنيفية مسلمة غير مُشركَة وَمن يعْمل صَالحا فَلَنْ يكفره {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} إِن الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله وفارقوا الْكتاب لما جَاءَهُم أُولَئِكَ عِنْد الله شَرّ الْبَريَّة مَا كَانَ النَّاس إِلَّا أمة وَاحِدَة ثمَّ أرسل الله النَّبِيين مبشرين ومنذرين يأمرون النَّاس يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة ويعبدون الله وَحده وَأُولَئِكَ عِنْد الله هم خير الْبَريَّة {جزاؤهم عِنْد رَبهم جنَّات عدن تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا أبدا رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ ذَلِك لمن خشِي ربه}
وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عمر يسْأَله فَجعل عمر ينظر إِلَى رَأسه مرّة وَإِلَى رجلَيْهِ أُخْرَى هَل يرى عَلَيْهِ من الْبُؤْس ثمَّ قَالَ لَهُ عمر: كم مَالك قَالَ: أَرْبَعُونَ من الإِبل
قَالَ ابْن عَبَّاس: قلت صدق الله وَرَسُوله لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب لابتغى الثَّالِث وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ
فَقَالَ عمر: مَا هَذَا فَقلت: هَكَذَا اقرأني أبيّ
قَالَ: فَمر بِنَا إِلَيْهِ فجَاء إِلَى أبيّ فَقَالَ: مَا تَقول هَذَا قَالَ أبيّ: هَكَذَا اقرأنيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: إِذا أثبتها فِي الْمُصحف قَالَ: نعم
وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن أبيّاً يزْعم أَنَّك تركت من آيَات الله آيَة لم تَكْتُبهَا
قَالَ: وَالله لأسألن أبيّاً فَإِن أنكر لتكذبن
فَلَمَّا صلى صَلَاة الْغَدَاة غَدا على أبيّ فَأذن لَهُ وَطرح لَهُ وسَادَة وَقَالَ: يزْعم هَذَا أَنَّك تزْعم أَنِّي تركت آيَة من كتاب الله لم أَكتبهَا
فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو أَن لِابْنِ آدم واديين من مَال لابتغى إِلَيْهِمَا وَاديا ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ
فَقَالَ عمر: أفأكتبها قَالَ: لَا أَنهَاك
قَالَ: فَكَأَن أبيّاً شكّ أَقُول من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قُرْآن منزل
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} لَقِي أبيّ بن كَعْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أبيّ إِن الله قد أنزل سُورَة