بناس مُسلمين قَالَا: بلَى وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حَدثنَا أَن مَعَك كتابا حَتَّى إِذْ ظنت أَنَّهُمَا ملتمسان كل ثوب مَعهَا حلت عقاصها فأخرجت لَهما الْكتاب من بَين قُرُون رَأسهَا كَانَت قد اعتقصت عَلَيْهِ فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ كتاب من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاطِبًا قَالَ: أَنْت كتبت هَذَا الْكتاب قَالَ: نعم قَالَ: فَمَا حملك على أَن تكْتب بِهِ قَالَ حَاطِب: أما وَالله مَا ارتبت مُنْذُ أسلمت فِي الله عز وَجل وَلَكِنِّي كنت امْرأ غَرِيبا فِيكُم أَيهَا الحيّ من قُرَيْش وَكَانَ لي بنُون وإخوة بِمَكَّة فَكتبت إِلَى كفار قُرَيْش بِهَذَا الْكتاب لكَي أدفَع عَنْهُم فَقَالَ عمر: ائْذَنْ لي يَا رَسُول الله أضْرب عُنُقه
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعه فَإِنَّهُ قد شهد بَدْرًا وَإنَّك لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فَإِنِّي غَافِر لكم مَا عملتم فَأنْزل الله فِي ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة} حَتَّى بلغ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْم الآخر}
أخرجه عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عُرْوَة مُرْسلا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس يَوْم الْفَتْح إِلَّا أَرْبَعَة: عبد الله بن خطل وَمقيس بن صبَابَة وَعبد الله بن سعد بن أبي سرح وَأم سارة فَذكر الحَدِيث قَالَ: وَأما أم سارة فَإِنَّهَا كَانَت مولاة لقريش فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكت إِلَيْهِ الْحَاجة فَأَعْطَاهَا شَيْئا ثمَّ أَتَاهَا رجل فَبعث مَعهَا بِكِتَاب إِلَى أهل مَكَّة يتَقرَّب بذلك إِلَيْهَا لحفظ عِيَاله وَكَانَ لَهُ بهَا عِيَال فَأخْبر جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَبعث فِي أَثَرهَا عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا فلقياها فِي الطَّرِيق ففتشاها فَلم يقدرا على شَيْء مَعهَا فَأَقْبَلَا رَاجِعين ثمَّ قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: وَالله مَا كذبنَا وَلَا كذبنَا ارْجع بِنَا إِلَيْهَا فَرَجَعَا إِلَيْهَا فسلاّ سيفهما فَقَالَا: وَالله لنذيقنك الْمَوْت أَو لتدفعنّ إِلَيْنَا الْكتاب فأنكرت ثمَّ قَالَت: أدفعه إلَيْكُمَا على أَن لَا ترداني إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبلا ذَلِك مِنْهَا فَحلت عقَاص رَأسهَا فأخرجت الْكتاب من قرن من قُرُونهَا فَدَفَعته إِلَيْهِمَا فَرَجَعَا بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَدَعَا الرجل فَقَالَ: مَا هَذَا الْكتاب فَقَالَ: أخْبرك يَا رَسُول الله أَنه لَيْسَ من رجل مِمَّن مَعَك إِلَّا وَله بِمَكَّة من