جميل لَا أجمل مِنْهُ وَإِذا حوله الْولدَان وَإِذا شَجَرَة وَرقهَا كآذان الفيلة
فَصَعدت مَا شَاءَ الله من تِلْكَ الشَّجَرَة وَإِذا أَنا بمنازل لَا أحسن مِنْهَا من زمردة جوفاء وزبر جدة خضراء وياقوته حَمْرَاء
قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه
فمضيت فَإِذا أَنا بنهر عَلَيْهِ جسران من ذهب وَفِضة على حافتي النَّهر منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وياقوته حَمْرَاء وَفِيه قدحان وأباريق تطرد قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أنزل فَنزلت فَضربت بيَدي إِلَى إِنَاء مِنْهَا فغرفت ثمَّ شربت فَإِذا أحلى من عسل وَأَشد بَيَاضًا من اللين وألين من الزّبد
فَقَالَا لي: أما صَاحب الصَّخْرَة الَّتِي رَأَيْت يضْرب بهَا هامته فَيَقَع دماغه جانباً وَتَقَع الصَّخْرَة جانباً فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا ينامون عَن صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَيصلونَ الصَّلَاة لغير مواقيتها يضْربُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما صَاحب الكلوب الَّذِي رَأَيْت ملكا موكلاً بِيَدِهِ كَلوب من حَدِيد يشق شدقه الْأَيْمن حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا يَمْشُونَ بَين الْمُؤمنِينَ بالنميمة فيفسدون بَينهم فهم يُعَذبُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان من النَّار كلما طلع طالع قَذَفُوهُ بمدرة فَتَقَع فِي فِيهِ فينفتل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر فَأُولَئِك أَكلَة الرِّبَا يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما الْبَيْت الَّذِي رَأَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة تتوقد من تَحْتهم النَّار أَمْسَكت على أَنْفك من نَتن مَا وجدت من ريحهم فَأُولَئِك الزناة وَذَلِكَ نَتن فروجهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما التل الْأسود الَّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ قوما مخبلين تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فَأُولَئِك الَّذين يعْملُونَ عمل قوم لوط الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار
وَأما النَّار المطبقة الَّتِي رَأَيْت ملكا موكلاً بهَا كلما خرج مِنْهَا شَيْء أتبعه حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا فَتلك جَهَنَّم تفرق بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار
وَأما الرَّوْضَة الَّتِي رَأَيْت فَتلك جنَّة المأوى
وَأما الشَّيْخ الَّذِي رَأَيْت وَمن حوله من الْولدَان فَهُوَ إِبْرَاهِيم وهم بنوه
وَأما الشَّجَرَة الَّتِي رَأَيْت فطلعت إِلَيْهَا فِيهَا منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حَمْرَاء فَتلك منَازِل أهل عليين من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا
وَأما النَّهر فَهُوَ نهرك الَّذِي أَعْطَاك الله: الْكَوْثَر وَهَذِه منازلك وَأهل بَيْتك
قَالَ: فنوديت من فَوقِي: يَا مُحَمَّد سل تُعْطه
فارتعدت فرائصي ورجف فُؤَادِي واضطرب كل عُضْو مني وَلم أستطع أَن أُجِيب شَيْئا
فَأخذ أحد الْملكَيْنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فوضعها فِي يَدي وَالْآخر