62

قوله: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ} : في «أنت» وجهان، أحدهما: أنه فاعلٌ بفعلٍ مقدرٍ يُفَسِّرُه الظاهرُ بعدَه. والتقدير: أفعلتَ هذا بآلهتِنا، فلمَّا حُذِفَ الفعلُ انفصَلَ الضميرُ. والثاني: أنه مبتدأٌ، والخبرُ بعده الجملةُ. والفرقُ بين الوجهين من حيثُ اللفظُ واضحٌ: فإنَّ الجملةَ مِنْ قولِه «فَعَلْتَ» الملفوظِ بها على الأولِ لا محلَّ لها لأنها مُفَسّرةٌ، ومحلُّها الرفعُ على الثاني، ومن حيث المعنى: إن الاستفهامَ إذا دَخَلَ على الفعلِ أَشْعَرَ بأن الشَّكَّ إنما تعلَّق به: هل وقع أم لا؟ من غيرِ شكٍ في فاعلِه. وإذا دخل على الاسم وقع الشكُّ فيه: هل هو الفاعلُ أم غيرُه، والفعل غيرُ مشكوكٍ في وقوعه، بل هو واقعٌ فقط. فإذا قلت: «أقام زيدٌ» ؟ كان شكُّك في قيامِه. وإذا قلتَ: «أزيدٌ قام» وجعلتَه مبتدأً كان شُكَّكَ في صدورِ الفعل منه أم من عمرٍو. والوجه الأولُ هو المختارُ عند النحاةِ لأنَّ الفعلَ تقدَّم ما يطلبُه وهو أداةُ الاستفهام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015