الثامن: أن تكونَ «مَنْ» شرطيةً وجوابُها مقدرٌ تقديره: فعليهم غضبٌ؛ لدلالةِ ما بعد «مَنْ» الثانيةِ عليه. وقد تقدَّم أن ابنَ عطية جَعَلَ الجزاءَ لهما معاً، وتقدَّم الكلامُ معه فيه.
قولِه: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه مستثنى مقدَّمٌ مِنْ قولِه {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ الله} ، وهذا يكونُ فيه منقطعاً؛ لأنَّ المُكْرَه لم يَشْرَحْ بالكفرِ صدراً. وقال أبو البقاء: «وقيل: ليس بمقدَّمٍ فهو كقول لبيد:
301 - 6- ألا كلُّ شيءٍ ما خلا اللهَ باطلُ ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فظاهرُ كلامِه يَدُلُّ على أنَّ بيتَ لبيدٍ لا تقديمَ فيه، وليس كذلك فإنه ظاهرٌ في التقديمِ جداً.
الثاني: أنه مستثنى مِنْ جوابِ الشرط، أو مِنْ خبر المبتدأ المقدر، تقديرُه: فعليهمْ غضبٌ من الله إلا مَنْ أُكْرِه، ولذلك قَدَّر الزمخشري جزاءَ الشرط قبل الاستثناء، وهو استثناءٌ متصلٌ؛ لأنَّ الكفرَ يكون بالقولِ مِنْ غير اعتقادٍ كالمُكْرَه، وقد يكون - والعياذُ بالله - باعتقادٍ، فاستثنى الصِّنفَ الأول.
قوله: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ} جملةٌ حاليةٌ، أي: إلا مَنْ أُكْرِهَ في هذه الحالةِ.
قوله: {ولكن مَّن شَرَحَ} الاستدراكُ واضحٌ؛ لأنَّ قوله: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ}