والثاني: ما قاله أبو عليّ الفارسي وهو: أن يكونَ وصفاً ل» كل «وصفاً بالمصدر مبالغةً، وعلى هذا فيجب أن يقدَّرَ المضافُ إليه» كل «نكرةً ليصحَّ وَصْفُ» كل «بالنكرة، إذ لو قُدِّر المضافُ معرفةً لتعرَّفَتْ» كل «، ولو تَعَرَّفَتْ لامتنع وَصْفُها بالنكرة فلذلك قُدِّر المضافُ إليه نكرةً، ونظيرُ ذلك قولُه تعالى:
{وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً} [الفجر: 19] ، فوقع «لمَّا» نعتاً ل «أكلاً» وهو نكرة.
قال أبو عليّ: «ولا يجوزُ أن يكونَ حالاً لأنه لا شيءَ في الكلامِ عاملٌ في الحال» .
[وظاهر عبارة الزمخشري أنه تأكيدٌ تابعٌ ل «كلاً» كما يتبعها أجمعون، أو أنه منصوبٌ على النعت ل «كلاً» ] فإنه قال: {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} كقوله «أكلاً لمَّاً» ملمومين بمعنى مجموعين، كأنه قيل: وإنْ كلاً جميعاً، كقوله تعالى: {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30] انتهى. لا يريد بذلك أنه تأكيدٌ صناعيٌّ، بل فَسَّر معنى ذلك، وأراد أنه صفةٌ ل «كلاً» ، ولذلك قَدَّره بمجموعين. وقد تقدَّم لك في بعضِ توجيهات «لَمَّا» بالتشديد من غير تنوين أن المنون أصلُها، وإنما أُجري الوصلُ مجرى الوقف، وقد عُرِف ما فيه. وخبرُ «إنْ» على هذه القراءة هي جملة القسم المقدَّر وجوابه سواءً في ذلك تخريجُ أبي الفتح وتخريجُ شيخه.