مقولاً فيها: لا تصيبنَّ. والنهيُ في الصورة للمصيبة وفي المعنى للمخاطبين، وهو في المعنى كقولهم: لا أُرَيَنَّك ههنا أي: لا تتعاطوا أسباباً يُصيبكم فيها مصيبةٌ لا تَخُصُّ ظالمَكم. ونونُ التوكيد على هذا في محلِّها. ونظيرُ إضمار القولِ قولُه:
2401 - جاؤوا بمَذْقٍ هل رأيتَ الذئبَ قَطْ ... أي: مقول فيه: هل رأيت. والثاني: أن «لا» نافية، والجملةُ صفةٌ ل «فتنة» وهذا واضحٌ من هذه الجهة، إلا أنه يُشْكل عليه توكيد المضارع في غير قسم ولا طلب ولا شرط، وفيه خلافٌ: هل يَجْري النفيُ ب «لا» مَجْرى النهي؟ من الناس من قال نعم، واستشهد بقوله:
2402 - فلا الجارةُ الدنيا لها تَلْحَيَنَّها ... ولا الضيفُ منها إنْ أناخَ مُحَوَّلُ
وقال آخر:
2403 - فلا ذا نعيمٍ يُتْرَكَنْ لنعيمه ... وإن قال قَرِّظْني وخُذْ رشوةً أبى
ولا ذا بيئسٍ يُتركنَّ لبؤسه ... فينفعَه شكوٌ إليه إن اشْتكى
فإذا جاز أن يُؤكَّد المنفيُّ ب «لا» مع انفصاله فلأَنْ يؤكَّد المنفيُّ غيرُ المفصولِ بطريق الأَوْلى. إلا أن الجمهور يَحْملون ذلك على الضرورة.
وزعم الفراء أنَّ «لا تصيبَنَّ» جواب للأمر نحو: «انزلْ عن الدابة