11

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا} : اختلف الناس في «ثم» في هذين الموضعين: فمنهم مَنْ لم يلتزم فيها ترتيباً وجعلها بمنزلة الواو فإنَّ خَلْقَنا وتصويرَنا بعد قوله تعالى للملائكة «اسجدوا» . ومنهم مَنْ قال: هي للترتيب لا في الزمان بل للترتيب في الإِخبار، ولا طائل في هذا. ومنهم من قال: هي للترتيب الزماني وهذا هو موضوعُها الأصلي. ومنهم مَنْ قال: الأولى للترتيب الزماني والثانية للترتيب الإِخباري. واختلفت عبارة القائلين بأنها للترتيب في الموضعين فقال بعضهم: إنَّ ذلك على حذف مضافين، والتقدير: ولقد خلقنا آباءكم ثم صَوَّرْنا آباءكم ثم قلنا، ويعني بأبينا آدم عليه السلام. والترتيب الزماني هنا ظاهر بهذا التقدير. وقال بعضهم: الخطاب في «خلقناكم وصوَّرناكم» لآدم عليه السلام وإنما خاطبه/ بصيغة الجمع وهو واحد تعظيماً له ولأنه أصلُ الجميع، والترتيب أيضاً واضح.

وقال بعضهم: المخاطبُ بنو آدم والمراد به أبوهم، وهذا من باب الخطاب لشخصٍ والمرادُ به غيره كقوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} إلى آخره، وإنما المُنَجَّى والذي كان يُسامُ سُوءَ العذاب أسلافُهم. وهذا مستفيضٌ في لسانهم. وأنشدوا على ذلك قوله:

2144 - إذا افتخرَتْ يوماً تميمٌ بقوسها ... وزادَتْ على ما وطَّدَتْ مِنْ مناقب

فأنتم بذي قارٍ أمالَتْ سيوفُكمْ ... عروشَ الذين استرهنوا قوسَ حاجبِ

وهذه الوقعةُ إنما كانت في أسلافهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015