ليحصُلَ التنكيرُ المسوِّغُ لوقوعِ الجملة صفةً لحُجَّتنا، وهذا لا ينبغي أن يقال، وقال أيضاً: «إن» إبراهيم «مفعول ثان لآتيناها، والمفعول الأول هو» ها «، وقد قدَّمْتُ لك في أوائل البقرة أن هذا مذهب السهيلي عند قوله {آتَيْنَا مُوسَى الكتاب} [البقرة: 53] ، وأنَّ مذهبَ الجمهورِ أن تَجْعل الأولَ ما كان عاقلاً والثاني غيرَه، ولا تبالي بتقديمٍ ولا تأخير.

قوله:» على قومه «فيه وجهان أحدهما: أنه متعلقٌ ب» آتينا «قاله ابن عطية والحوفي أي: أظهرناها لإِبراهيم على قومه. والثاني: أنها متعلقة بمحذوف على أنها حال أي: آتيناها إبراهيم حجةً على قومه أو دليلاً على قومه، كذا قدَّره أبو البقاء، ويلزم من هذا التقدير أن تكون حالاً مؤكدة، إذ التقدير: وتلك حُجَّتنا آتيناها له حجةً.

وقدَّرها الشيخ على حذف مضاف فقال:» أي آتيناها إبراهيم مستعليةً على حجج قومه قاهرة لها «وهذا حسن. ومنع أبو البقاء أن تكون متعلِّقةً بحجتنا قال:» لأنها مصدر، وآتيناها خبر أو حال، وكلاهما لا يُفْصل به بين الموصول وصلته «. ومنع الشيخ ذلك أيضاً، ولكن لكون الحجَّة ليست مصدراً قال:» إنما هو الكلام المُؤَلَّفُ للاستدلال على الشيء «ثم قال:» ولو جعلناها مصدراً لم يجز ذلك أيضاً، لأنه لا يفصل بالخبر ولا بمثل هذه الحال بين المصدر ومطلوبه. وفي مَنْعِهِ ومَنْع أبي البقاء ذلك نظرٌ، لأنَّ الحال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015