حَذْفَ الموصولِ لأنه جزءُ كلمة، وهذا عندهم مؤولٌ على حذف موصوف كما تقدم، وتأويلُهم أَوْلَى لعطفِ النكرة عليه وهو «آخر» ، و «أخرى» في البيتِ قبلَه، فيكونُ في ذلك دلالةٌ على المحذوفِ، والتقديرُ: فمنهم عاشقٌ سابقٌ دمعُه له وآخرُ.

الثالث: أنَّ «مِن الذين» خبرُ مبتدأ محذوف أي: هم الذين هادوا، و «يُحَرِّفون» على هذا حالٌ من ضمير «هادوا» . وعلى هذه الأوجهِ الثلاثةِ يكونُ الكلامُ قد تَمَّ عند قوله «نصيراً» .

الرابع: أن يكونَ «من الذين» حالاً من فاعل «يريدون» قاله أبو البقاء، ومَنَع أن يكونَ حالاً من الضمير في «أوتوا» ومن «الذين» أعني في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ} قال: «لأنَّ الحال لا تكونُ لشيءٍ واحد إلا بعطفِ بعضِها على بعض» . قلت: وهذه مسألةٌ خلافٍ، من النحويين مَنْ مَنَع، ومنهم مَنْ جَوَّز وهو الصحيح.

الخامس: أنَّ «مِن الذين» بيانٌ للموصولِ في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ} لأنهم يهودٌ ونصارى فبيَّنهم باليهودِ، قال الزمخشري، وفيه نظرٌ من حيث إنه قد فُصِل بينهما بثلاثِ جمل وهي: «والله أعلم» إلى آخره، وإذا كان الفارسي قد مَنَعَ الاعتراضَ بجملتين فما بالُك بثلاث!! قاله الشيخ، وفيه نظرٌ فإنَّ الجمَلَ هنا متعاطفةٌ، والعطفُ يُصَيِّر الشيئين شيئاً واحداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015