يُحْمل ذلك على التوزيع، أي: منهم مَنْ قُتِل ومنهم مَنْ قاتل. وهذه الآية في المعنى كقوله: {قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ} [آل عمران: 146] ، والخلافُ في هذه كالخلاف في قوله {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [الآية: 111] في براءة، والتوجيهُ هناك كالتوجيه هنا.
وقرأ عمر بن عبد العزيز: «وقَتَلوا وقُتِلوا» ببناء الأول للفاعل من «فَعَل» ثلاثياً، والثاني للمفعول، وهي كقراءة الجماعة.
وقرأ محارب بن دثار: «قَتَلوا وقاتلوا» ببنائهما للفاعل. وقرأ طلحة ابن مصرف: «وقُتِّلوا وقاتَلوا» كقراءةِ حمزة والكسائي، إلاَّ أنَّه شدَّد التاءَ، والتخريجُ كتخريج قراءتهما. ونقل الشيخ عن الحسن وأبي رجاء: «قاتلوا وقُتِّلوا» بتشديد التاء من «قُتِّلوا» ، وهذه هي قراءة ابن كثير وابن عامر كما تقدَّم، وكأنه لم يَعْرف أنها قراءتُهما.
قوله: «ثواباً» في نصبه ثمانيةُ أوجه، أحدها: أنه نصب على المصدرِ المؤكَّدِ، لأنَّ معنى الجملة قبله يقتضيه، والتقدير: لأُثيبَنَّهم إثابة أو تثويباً، فوضع «ثواباً» موضعَ أحدِ هذين المصدرين، لأنَّ الثواب في الأصل اسمٌ لِما يُثاب به كالعَطاء: اسمٌ لما يُعْطى، ثم قد يقعان موقع المصدر، وهو نظيرُ قولهِ: {صُنْعَ الله} [النمل: 88] ، و {وَعْدَ الله} [النساء: 122] في كونهما مؤكِّدين. الثاني: أن يكونَ حالاً من «جنات» أي: مُثاباً بها، وجاز ذلك وإنْ كنت نكرةً لتخصُّصها بالصفة.