وقد تقدَّم لنا شيء من هذا عند قوله: {عَلَى الملكين بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: 102] .

وإنْ أَعربوا «نُعاساً» مفعولاً من أجلِه لَزِم الفصلُ بين الصفة والموصوفِ بالمفعولِ له، وكذا إنْ أَعْربوا «نعاساً» مفعولاً به، و «أَمَنَةً» حالاً يلزم الفصلُ أيضاً، وفي جوازه نظرٌ. والأحسنُ حينئذٍ أن تكونَ هذه الجملةُ استئنافيةً جواباً لسؤالٍ مقدر، كأنه قيل: ما حكمُ هذه الأمَنَة؟ فأخبرَ بقوله «تَغْشى» ، ومَنْ قرأ بالياء أعاد الضمير على «نُعاساً» وتكون الجملةُ صفةً له. و «منكم» صفة ل «طائفة» فيتعلق بمحذوف.

قوله: {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ} في هذه الواو ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّها واوُ الحالِ، وما بعدها في محلِّ نصب على الحالِ، والعاملُ فيها «يغشى» والثاني: أنها واوُ الاستئنافِ، وهي التي عَبَّر عنها مكي بواوِ الابتداءِ، والثالث: أنها بمعنى «إذ» ذكره مكي وأبو البقاء وهو ضعيفٌ. و «طائفةٌ» مبتدأ، والخبرُ «قد أَهَمَّتْهُمْ أنفسُهم» ، وجاز الابتداءُ بالنكرةِ لأحد شيئين: إمَّا للاعتماد على واوِ الحال، وقد عَدَّه بعضُهم مُسَوِّغاً، وإنْ كان الأكثرُ لم يذكروه، وأنشد:

1473 - سَرَيْنا ونجمٌ قد أضاءَ فمذْ بدا ... مُحيِّاكِ أَخْفَى ضَوْءُه كلَّ شارِقِ

وإمَّا لأنَّ الموضعَ موضعُ تفصيلٍ، فإنَّ المعنى: يَغْشى طائفةً، وطائفةٌ لم يَغْشَهم، فهو كقولِه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015