قُلْت: وَلَا يُسَاعِدُهُ حَدِيثُ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ظُهْرٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوُجُوبِ وَشَرَائِطِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُنْصِفُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ كَلَامُ الْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ.

وَقَدْ كَرَّ عَلَيْهِ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّيُّ بِالنَّقْصِ، وَانْتَصَرَ لِلْمُحَقِّقِ بِمَا يَطُولُ، فَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ مَا فَعَلْنَاهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ بَلْ الْإِلْحَاقِ دَلَالَةً، وَقَوْلُ الْبُرْهَانِ الْحَلَبِيِّ إنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يُوجَدْ زَمَانٌ يُقَدَّرُ لِلْعِشَاءِ فِيهِ وَقْتٌ خَاصٌّ مَمْنُوعٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يُقَدِّرُ يَجْعَلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتًا يَخْتَصُّ بِهَا لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ غَيْرُهَا. اهـ.

أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ عِنْدَنَا لَمْ يَجْعَلُوا لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَقْتًا خَاصًّا بِهَا بِحَيْثُ يَكُونُ فِعْلُهَا فِيهِ أَدَاءً وَخَارِجَهَا قَضَاءً كَمَا هُوَ فِي أَيَّامِ الدَّجَّالِ؛ لِأَنَّ الْحَلْوَانِيَّ قَالَ بِوُجُوبِهَا قَضَاءً وَالْبُرْهَانُ الْكَبِيرُ قَالَ: لَا يَنْوِي الْقَضَاءَ لِعَدَمِ وَقْتِ الْأَدَاءِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا، فَأَيْنَ الْإِلْحَاقُ دَلَالَةً مَعَ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ؟ فَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ أَوْ الْقِيَاسِ لَجَعَلُوا لَهَا وَقْتًا خَاصًّا بِهَا تَكُونُ فِيهِ أَدَاءً، وَإِنَّمَا قَدَّرُوهُ مَوْجُودًا لِإِيجَابِ فِعْلِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَيْسَ مَعْنَى التَّقْدِيرِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ كَمَا عَلِمْت وَإِلَّا لَزِمَ كَوْنُهَا فِيهِ أَدَاءً وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ: أَيْ بِكَوْنِهَا أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى وَقْتُ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْفَجْرِ.

وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْمُحَقِّقِ الْكَمَالِ ابْنِ الْهُمَامِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الدَّجَّالِ لِيَقِيسَ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَنَا أَوْ يُلْحِقَهَا بِهِ دَلَالَةً، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ دَلِيلًا عَلَى افْتِرَاضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ افْتِرَاضًا عَامًّا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا رُوِيَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ أَخْبَارُ الْإِسْرَاءِ، وَمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ الِافْتِرَاضِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْكَافِرِ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا قَالَهُ الْمُحَشِّيُّ مِنْ وُرُودِ النَّصِّ بِإِخْرَاجِهِمَا مِنْ الْعُمُومِ.

هَذَا وَقَدْ أَقَرَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ تِلْمِيذَاهُ الْعَلَّامَتَانِ الْمُحَقِّقَانِ ابْنُ أَمِيرٍ حَاجٍّ وَالشَّيْخُ قَاسِمٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ، وَيَتَأَيَّدُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّهُ قَالَ بِهِ إمَامٌ مُجْتَهِدٌ وَهُوَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَاعِدُهُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ ح.

(قَوْلُهُ: حَدِيثُ الدَّجَّالِ) هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي كَلَامِ الْكَمَالِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُسْتَثْنَى هَذَا الْيَوْمُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمَوَاقِيتِ، وَيُقَاسُ الْيَوْمَانِ التَّالِيَانِ لَهُ. قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ مَكَثَتْ الشَّمْسُ عِنْدَ قَوْمٍ مُدَّةً. اهـ. ح. قَالَ فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ قُلْت: وَكَذَلِكَ يُقَدَّرُ لِجَمِيعِ الْآجَالِ كَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْعِدَّةِ وَآجَالِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ، وَيُنْظَرُ ابْتِدَاءُ الْيَوْمِ فَيُقَدَّرُ كُلُّ فَصْلٍ مِنْ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ بِحَسَبِ مَا يَكُونُ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَذَا فِي كُتُبِ الْأَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِمِثْلِهِ إذْ أَصْلُ التَّقْدِيرِ مَقُولٌ بِهِ إجْمَاعًا فِي الصَّلَوَاتِ اهـ. مَطْلَبٌ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

[تَنْبِيهٌ] وَرَدَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ «أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا تَسِيرُ إلَى وَسَطِ السَّمَاءِ ثُمَّ تَرْجِعُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ كَعَادَتِهَا» . قَالَ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ بِرُجُوعِهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ زَوَالِهَا، وَوَقْتُ الْعَصْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَالْمَغْرِبِ بِغُرُوبِهَا. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ لَيْلَةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا تَطُولُ بِقَدْرِ ثَلَاثِ لَيَالٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهَا لِانْبِهَامِهَا عَلَى النَّاسِ، فَحِينَئِذٍ قِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ قَضَاءُ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَيْلَتَانِ فَيُقَدَّرَانِ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَوَاجِبُهُمَا الْخَمْسُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُسَاعَدَةِ ح.

(قَوْلُهُ: أَكْثَرُ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ظُهْرٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْوَارِدَ أَنَّ الْيَوْمَ كَسَنَةٍ فَمَا قَبْلَ الزَّوَالِ نَحْوُ نِصْفِ سَنَةٍ وَلَا يَتَكَرَّرُ فِيهِ الظُّهْرُ هَذَا الْعَدَدَ، فَالْمُنَاسِبُ تَعْبِيرُ الْكَمَالِ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدْ وَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ عَصْرٍ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الظِّلِّ مِثْلًا أَوْ مِثْلَيْنِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمِثْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ النَّهَارِ بِخِلَافِ الْمِثْلِ، وَالْأَظْهَرُ قَوْلُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015