وَطَهَّرَهُمَا مُحَمَّدٌ آخِرًا لِلْبَلْوَى، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.

(وَلَوْ أَصَابَهُ مِنْ) نَجَاسَةٍ (غَلِيظَةٍ وَ) نَجَاسَةٍ (خَفِيفَةٍ جُعِلَتْ الْخَفِيفَةُ تَبَعًا لِلْغَلِيظَةِ) احْتِيَاطًا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ مَتَى أَطْلَقُوا النَّجَاسَةَ فَظَاهِرُهُ التَّغْلِيظُ.

(وَعُفِيَ دُونُ رُبْعِ) جَمِيعِ بَدَنٍ وَ (ثَوْبٍ) وَلَوْ كَبِيرًا هُوَ الْمُخْتَارُ، ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ عَلَى التَّقْدِيرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَطَهَّرَهُمَا مُحَمَّدٌ آخِرًا) أَيْ: فِي آخِرِ أَمْرِهِ حِينَ دَخَلَ الرِّيَّ مَعَ الْخَلِيفَةِ وَرَأَى بَلْوَى النَّاسِ مِنْ امْتِلَاءِ الطُّرُقِ وَالْخَانَاتِ بِهَا، وَقَاسَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا طِينَ بُخَارَى فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ) فِيهِ أَنَّهُ يَقُولُ: مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَبَوْلُهُ وَرَجِيعُهُ طَاهِرٌ فَقَطْ؛ فَلَا يَقُولُ بِطَهَارَةِ رَوْثِ الْحِمَارِ ط

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ) وَنَصُّهَا عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ: وَإِنْ أَصَابَهُ بَوْلُ الشَّاةِ وَبَوْلُ الْآدَمِيِّ تُجْعَلُ الْخَفِيفَةُ تَبَعًا لِلْغَلِيظَةِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ الْخَفِيفَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْغَلِيظَةِ كَمَا قَالَهُ ط.

قُلْت: لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: تُجْمَعُ النَّجَاسَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ فَتُجْعَلُ الْخَفِيفَةُ غَلِيظَةً إذَا كَانَتْ نِصْفًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ الْغَلِيظَةِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ. اهـ. وَنَحْوُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ: نِصْفُ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ وَنِصْفُ الْغَلِيظَةِ يُجْمَعَانِ. اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَتْ الْخَفِيفَةُ بِالْغَلِيظَةِ جُعِلَتْ تَبَعًا لِلْغَلِيظَةِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الدِّرْهَمِ مَنَعَتْ الصَّلَاةَ كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْغَلِيظَةُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ؛ وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعٍ وَلَمْ يَبْلُغْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ الْقَدْرَ الْمَانِعَ، فَتُرَجَّحُ الْغَلِيظَةُ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً لِلْخَفِيفَةِ، فَإِذَا زَادَ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى الدِّرْهَمِ مَنَعَ، وَلَوْ كَانَتْ الْخَفِيفَةُ أَكْثَرَ تَرَجَّحَتْ فَإِذَا بَلَغَ مَجْمُوعُهُمَا رُبْعَ الثَّوْبِ مَنَعَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ اخْتَلَطَا تُرَجَّحُ الْغَلِيظَةُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَإِنْ تَسَاوَيَا أَوْ زَادَتْ الْغَلِيظَةُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا تُرَجَّحْ الْخَفِيفَةُ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَتَى أَطْلَقُوا النَّجَاسَةَ إلَخْ) أَيْ: كَإِطْلَاقِهِمْ النَّجَاسَةَ فِي الْأَسْآرِ النَّجِسَةِ وَفِي جِلْدِ الْحَيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً؛ لِأَنَّ جِلْدَهَا لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ. اهـ. بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ التَّغْلِيظُ) هُوَ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُغَلَّظَةٌ وَأَنَّهَا الْمُرَادَةُ عِنْدَ إطْلَاقِهِمْ

(قَوْلُهُ: دُونُ) بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلِ عُفِيَ. (قَوْلُهُ: وَثَوْبٍ) أَيْ: وَنَحْوِهِ كَالْخُفِّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الرُّبْعِ، وَالْمُرَادُ رُبْعُ مَا دُونَ الْكَعْبَيْنِ لَا مَا فَوْقَهُمَا؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْخُفِّ اهـ خَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَبِيرًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ الرُّبْعِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ رُبْعُ طَرَفٍ أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ، كَالذَّيْلِ وَالْكُمِّ وَالدِّخْرِيصِ إنْ كَانَ الْمُصَابُ ثَوْبًا، وَرُبْعُ الْعُضْوِ الْمُصَابِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ إنْ كَانَ بَدَنًا وَصَحَّحَهُ فِي التُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْمُجْتَبَى وَالسِّرَاجِ. وَفِي الْحَقَائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقِيلَ رُبْعُ جَمِيعِ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَقِيلَ: رُبْعُ أَدْنَى ثَوْبٍ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَالْمِئْزَرِ. قَالَ الْأَقْطَعُ: وَهَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِيهِ اهـ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الثَّوْبِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا نَرَى، لَكِنْ تَرَجَّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَوَفَّقَ فِي الْفَتْحِ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ اعْتِبَارُ رُبْعِ الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ أَدْنَى مَا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ. اهـ. وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا، وَلَمْ يَنْقُلْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَصْلًا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ) أَيْ: بِأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْكَنْزِ وَبِتَصْحِيحِ الْمَبْسُوطِ لَهُ، وَبِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ رُبْعَ الْمُصَابِ لَيْسَ كَثِيرًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا. اهـ.

أَقُولُ: تَصْحِيحُ الْمَبْسُوطِ مُعَارَضٌ بِتَصْحِيحِ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ الْفَاحِشِ مَا كَثُرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُصَابِ؛ فَرُبْعُ الثَّوْبِ كَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّوْبِ، وَرُبْعُ الذَّيْلِ أَوْ الْكُمِّ مَثَلًا كَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الذَّيْلِ أَوْ الْكُمِّ، وَكَذَا رُبْعُ أَدْنَى ثَوْبٍ تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ كَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015