وَيُنْدَبُ تَصَدُّقُهُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِهِ. وَمَصْرِفُهُ كَزَكَاةٍ وَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ تَصَدُّقٌ؟ قَالَ فِي الضِّيَاءِ: الظَّاهِرُ لَا.
(وَدَمُ اسْتِحَاضَةٍ) حُكْمُهُ (كَرُعَافٍ دَائِمٍ) وَقْتًا كَامِلًا (لَا يَمْنَعُ صَوْمًا وَصَلَاةً) وَلَوْ نَفْلًا (وَجِمَاعًا) لِحَدِيثِ «تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيُنْدَبُ إلَخْ) لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ» ثُمَّ قِيلَ إنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ فَبِدِينَارٍ أَوْ آخِرِهِ فَبِنِصْفِهِ، وَقِيلَ بِدِينَارٍ لَوْ الدَّمُ أَسْوَدَ وَبِنِصْفِهِ لَوْ أَصْفَرَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ «إذَا وَاقَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، إنْ كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْفَرَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» . اهـ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الضِّيَاءِ إلَخْ) أَيْ الضِّيَاءِ الْمَعْنَوِيِّ شَرْحِ مُقَدِّمَةِ الْغَزْنَوِيِّ، وَأَصْلُ الْبَحْثِ لِلْحَدَّادِيِّ فِي السِّرَاجِ، وَيُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ. وَظَاهِرُهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ جَاهِلًا بِحَيْضِهَا أَوْ لَا.
[تَتِمَّةٌ] تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِإِخْبَارِهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا فَتْحٌ وَبِرْكَوِيٌّ. وَحَرَّرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَتْ عَفِيفَةً أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهَا أَمَّا لَوْ فَاسِقَةً وَلَمْ يَغْلِبْ صِدْقُهَا؛ بِأَنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ وَقْتًا كَامِلًا) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ دَائِمٍ، الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ: أَيْ قَيْدِ الدَّوَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ فِي الدَّوَامِ وَعَدَمِهِ ط (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ صَوْمًا إلَخْ) أَيْ وَلَا قِرَاءَةً وَمَسَّ مُصْحَفٍ وَدُخُولَ مَسْجِدٍ وَكَذَا لَا تُمْنَعُ عَنْ الطَّوَافِ إذَا أَمِنَتْ مِنْ اللَّوْثِ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الْخِزَانَةِ ط. مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِذَكَرِهِ نَجَاسَةٌ
(قَوْلُهُ وَجِمَاعًا) ظَاهِرُهُ جَوَازُهُ فِي حَالِ سَيَلَانِهِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ تَلْوِيثٌ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَكَذَا قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ مُبَاشَرَةُ الْحَائِضِ فَوْقَ الْإِزَارِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ التَّلَطُّخُ بِالدَّمِ، وَتَمَامُهُ فِي ط.
وَأَمَّا مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فِي الْأَنْجَاسِ مِنْ أَنَّ التَّلَوُّثَ بِالنَّجَاسَةِ مَكْرُوهٌ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِلَا عُذْرٍ وَالْوَطْءُ عُذْرٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ نَجِسَةٌ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَلَوُّثًا بِالنَّجَاسَةِ، فَتَخْصِيصُ الْحِلِّ بِوَقْتِ عَدَمِ السَّيَلَانِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ، بَلْ قَدَّمْنَا عَلَى شُرُوحِ الْهِدَايَةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ بَعْدَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الِانْقِطَاعِ فَافْهَمْ.
[تَنْبِيهٌ] أَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِحُرْمَةِ جِمَاعِ مَنْ تَنَجَّسَ ذَكَرُهُ قَبْلَ غَسْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِهِ سَلَسٌ فَيَحِلُّ كَوَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ مَعَ الْجَرَيَانِ؛ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ لِإِمْكَانِ غَسْلِهِ، بِخِلَافِ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَوَطْءِ السَّلِسِ تَأَمَّلْ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ مُسْتَنْجِيًا بِغَيْرِ الْمَاءِ، فَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ الصَّوَابَ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِعَدَمِ الْمَاءِ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ لِلْحَاجَةِ، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِرَجُلٍ يَغِيبُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ أَيُجَامِعُ أَهْلَهُ؟ قَالَ نَعَمْ» . اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ تَوَضَّئِي) فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِهِ حُكْمُ الصَّلَاةِ عِبَارَةً، وَحُكْمُ الصَّوْمِ وَالْجِمَاعِ دَلَالَةً اهـ مِنَحٌ وَدُرَرٌ وَإِبْدَالُ الدَّلَالَةِ بِالْإِشَارَةِ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْأُصُولِ فَافْهَمْ