لُغَةً الْخَلْطُ، سُمِّيَ بِهَا الْعَقْدُ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ. وَشَرْعًا (عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ بَيْنَ الْمُتَشَارِكِينَ فِي الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ) جَوْهَرَةٌ.

(وَرُكْنُهَا فِي شَرِكَةِ الْعَيْنِ اخْتِلَاطُهُمَا، وَفِي الْعَقْدِ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ لَهُ)

وَشَرْطُ جَوَازِهَا كَوْنُ الْوَاحِدِ قَابِلًا لِلشَّرِكَةِ

(وَهِيَ ضَرْبَانِ: شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَهِيَ أَنْ يَمْلِكَ مُتَعَدِّدٌ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (عَيْنًا) أَوْ حِفْظًا كَثَوْبٍ هَبَّهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِمَا فَإِنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْحِفْظِ قُهُسْتَانِيٌّ (أَوْ دَيْنًا) عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ؛ فَلَوْ دَفَعَ الْمَدْيُونُ لِأَحَدِهِمَا فَلِلْآخَرِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ -

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسُكُونُ الرَّاءِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَكَ فَتْحُ الشِّينِ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا (قَوْلُهُ: لُغَةً الْخَلْطُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: هِيَ لُغَةً خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا، وَمَا قِيلَ اخْتِلَاطُ النَّصِيبَيْنِ تَسَاهُلٌ لِأَنَّهَا اسْمُ الْمَصْدَرِ وَالْمَصْدَرُ الشِّرْكُ مَصْدَرُ شَرَكْت الرَّجُلَ أَشْرُكُهُ شِرْكًا فَظَهَرَ أَنَّهَا فِعْلُ الْإِنْسَانِ وَفِعْلُهُ الْخَلْطُ.

وَأَمَّا الِاخْتِلَاطُ فَصِفَةٌ لِلْمَالِ تَثْبُتُ عَنْ فِعْلِهِمَا لَيْسَ لَهُ اسْمٌ مِنْ الْمَادَّةِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ.

قُلْت: لَكِنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَتَحَقَّقُ بِالِاخْتِلَاطِ كَمَا يَأْتِي، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا اسْمٌ تَأَمَّلْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا يُسَمُّونَهَا شَرِكَةً (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِهَا الْعَقْدُ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ: ثُمَّ يُطْلَقُ اسْمُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْعَقْدِ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا سَبَبُهُ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ عَائِدٌ إلَى الْعَقْدِ بِتَأْوِيلِ الشَّرِكَةِ، وَالثَّانِي إلَى الْخَلْطِ اهـ ح.

وَالْأَظْهَرُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرَيْنِ كَعِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ، أَوْ يَقُولُ: لِأَنَّهُ سَبَبُهَا أَيْ لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبُ الشَّرِكَةِ الَّتِي حَقِيقَتُهَا الْخَلْطُ فَالْعَلَاقَةُ السَّبَبِيَّةُ؛ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى سَبَبِهِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِذَا قِيلَ شِرْكَةُ الْعَقْدِ بِالْإِضَافَةِ فَهِيَ إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اتِّحَادُ اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ فَإِنَّهَا فِي الشَّرْعِ تُطْلَقُ عَلَى الْخَلْطِ وَكَذَا عَلَى الْعَقْدِ مَجَازًا تَأَمَّلْ. بِدَلِيلِ تَقْسِيمِهِمْ لَهَا إلَى شَرِكَةِ عَقْدٍ وَشَرِكَةِ مِلْكٍ.

وَالثَّانِيَةُ تَكُونُ بِالْخَلْطِ أَوْ الِاخْتِلَاطِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ تَعْرِيفُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَقَطْ لِأَنَّهَا الَّتِي فُصِّلَتْ أَنْوَاعُهَا إلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ مُفَاوَضَةٍ وَغَيْرِهَا

. (قَوْلُهُ: فِي شَرِكَةِ الْعَيْنِ) أَيْ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَقْدِ الَّذِي هُوَ عَرَضٌ غَيْرُ عَيْنٍ، وَقَوْلُهُ اخْتِلَاطُهُمَا أَيْ اخْتِلَاطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا، وَعَبَّرَ بِالِاخْتِلَاطِ تَبَعًا لِلْفَتْحِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى مَا مَرَّ التَّعْبِيرُ بِالْخَلْطِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ اللَّفْظُ الْمُفِيدِ لَهُ) أَيْ لِعَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَلَوْ مَعْنًى كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: كَوْنُ الْوَاحِدِ إلَخْ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرَادَ بِالْوَاحِدِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُبَاحَاتِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَبُولِهِ الِاشْتِرَاطُ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ ضَرْبَانِ) أَيْ الشَّرِكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا شَرِكَةَ عَقْدٍ فَفِيهِ شِبْهُ الِاسْتِخْدَامِ وَإِلَّا كَانَ مِنْ تَقْسِيمِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ شَرِكَةُ مِلْكٍ) أَيْ اخْتِصَاصٍ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ حِفْظًا) دُخُولُهُ فِي الْمِلْكِ الْمُفَسَّرِ بِالِاخْتِصَارِ ظَاهِرٌ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحِفْظِ وَثُبُوتِ الْحَقِّ لَهُمَا الْوَاحِدُ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ مَسْأَلَةٍ فِي بَابٍ جَرَيَانُ جَمِيعِ أَحْكَامِ الْبَابِ فِيهَا كَالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ لَا تَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْعَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: هَبَّهُ الرِّيحُ) حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ لِمَا فِي الْقَامُوسِ: الْهَبُّ وَالْهُبُوبُ ثَوَرَانُ الرِّيحِ، وَهَبَّهُ هَبًّا وَهَبَّةً بِالْفَتْحِ وَهِبَّةً بِالْكَسْرِ قَطَعَهُ اهـ فَقَدْ جَعَلَ الْمُتَعَدِّيَ بِمَعْنَى الْقَاطِعِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى.

مَطْلَبٌ الْحَقُّ أَنَّ الدَّيْنَ يُمْلَكُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ مِنْ شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ الشَّرِكَةَ فِي الدَّيْنِ، فَقِيلَ مَجَازٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ شَرْعِيٌّ لَا يُمْلَكُ.

وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ يُمْلَكُ شَرْعًا، وَلِذَا جَازَ هِبَتُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْهِبَةَ مَجَازٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ، وَلِذَا لَمْ تَجُزْ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ، وَالْحَقُّ مَا ذَكَرُوا مِنْ مِلْكِهِ، وَلِذَا مُلِكَ مَا عَنْهُ مِنْ الْعَيْنِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015