وَشَرْعًا: (هِيَ الطَّعَامُ وَالْكُسْوَةُ وَالسُّكْنَى) وَعُرْفًا هِيَ: الطَّعَامُ (وَنَفَقَةُ الْغَيْرِ تَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ بِأَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ: زَوْجِيَّةٌ، وَقَرَابَةٌ، وَمِلْكٌ) بَدَأَ بِالْأَوَّلِ لِمُنَاسِبَةِ مَا مَرَّ أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَصْلُ الْوَلَدِ (فَتَجِبُ لِلزَّوْجَةِ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَلَوْ بَانَ فَسَادُهُ أَوْ بُطْلَانُهُ رَجَعَ بِمَا أَخَذَتْهُ مِنْ النَّفَقَةِ بِحُرٍّ (عَلَى زَوْجِهَا) ؛ لِأَنَّهَا جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ، وَكُلُّ مَحْبُوسٍ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالذَّهَابِ مِثْلُ نَفَقَ وَنَفَرَ وَنَفَخَ وَنَفِسَ وَنَفَى وَنَفِدَ. وَفِي الشَّرْعِ: الْإِدْرَارُ عَلَى شَيْءٍ بِمَا فِيهِ بَقَاؤُهُ، كَذَا فِي الْفَتْحِ. قُلْت: وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَيَانٌ لِأَصْلِ مَادَّتِهَا وَمَأْخَذِ اشْتِقَاقِهَا وَوَجْهِ تَسْمِيَتِهَا فَإِنَّ بِهَا هَلَاكَ الْمَالِ وَرَوَاجَ الْحَالِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ أَيْضًا إنَّهَا فِي اللُّغَةِ مَا يُنْفِقُهُ الْإِنْسَانُ عَلَى عِيَالِهِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِحَقِيقَةِ مَدْلُولِهَا وَأَنَّهَا اسْمُ عَيْنٍ لَا حَدَثٍ.

مَطْلَبٌ: اللَّفْظُ جَامِدٌ وَمُشْتَقٌّ وَعَنْ هَذَا قَالُوا: إنَّ اللَّفْظَ قِسْمَانِ: جَامِدٌ وَهُوَ مَا لَمْ يُوَافِقْ مَصْدَرًا بِحُرُوفِهِ الْأُصُولِ وَمَعْنَاهُ كَرَجُلٍ وَأَسَدٍ، وَمُشْتَقٌّ وَهُوَ خِلَافُهُ. وَهُوَ قِسْمَانِ: مُطَّرِدٌ وَغَيْرَهُ. فَالْأَوَّلُ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَبَقِيَّةِ الْمُشْتَقَّاتِ السَّبْعَةِ، فَضَارِبٌ مَثَلًا يَطَّرِدُ إطْلَاقُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ اتَّصَفَ بِمَعْنَى الْمُشْتَقِّ هُوَ مِنْهُ. وَالثَّانِي مَا كَانَ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ مُرَجِّحًا لِلتَّسْمِيَةِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهَا كَقَارُورَةٍ حَتَّى لَا يَطَّرِدَ فِي كُلِّ مَا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ قَارُورَةٍ عَلَى نَحْوِ الْبِئْرِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ قَرَارُ الْمَاءِ فَالنَّفَقَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَا مِنْ الْمُطَّرِدِ وَلَا مِنْ الْجَامِدِ غَيْرِ الْمُشْتَقِّ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَشَرْعًا هِيَ الطَّعَامُ إلَخْ) كَذَا فَسَّرَهَا مُحَمَّدٌ بِالثَّلَاثَةِ لَمَّا سَأَلَهُ هِشَامٌ عَنْهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَعُرْفًا) أَيْ فِي الْعُرْفِ الطَّارِئِ فِي لِسَانِ أَهْلِ الشَّرْعِ هِيَ الطَّعَامُ فَقَطْ، وَلِذَا يَعْطِفُونَ عَلَيْهِ الْكُسْوَةَ وَالسُّكْنَى وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ رَحْمَتِيٌّ، وَعِبَارَةُ الْمُتُونِ كَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ وَمِلْكٌ) شَامِلٌ لِنَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَقَارِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، لَكِنَّ فِي الْأَخِيرِ لَا يُجْبَرُ قَضَاءً، وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ لِمُنَاسَبَةِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَصْلُ الْوَلَدِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِالتَّوَالُدِ، وَالْوَلَدُ الَّذِي تَكَوَّنَ ابْنًا أَوْ أَبًا أَوْ أَخًا أَوْ عَمًّا لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالزَّوْجِيَّةِ فَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا لِتَقَدُّمِهَا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) فَلَا نَفَقَةَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ حَقُّ الْحَبْسِ الثَّابِتُ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَكَذَا فِي عِدَّتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ وَإِنْ ثَبَتَ لَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالنِّكَاحِ بَلْ لِتَحْصِينِ الْمَاءِ، وَلِأَنَّ حَالَ الْعِدَّةِ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ حَالِ النِّكَاحِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَانَ فَسَادُهُ أَوْ بُطْلَانُهُ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَحْرِ الْبُطْلَانَ، وَقَدَّمْنَا فِي الْعِدَّةِ عَنْ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي النِّكَاحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.

وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَفَرَضَ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ وَأَخَذَتْهَا شَهْرًا ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا أَنَّهَا أُخْتُهُ رَضَاعًا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ؛ وَلَوْ أَنْفَقَ بِلَا فَرْضِ الْقَاضِي لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ. اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ أَيْضًا عَنْ الْخُلَاصَةِ: وَأَجْمَعُوا أَنَّ فِي النِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ. اهـ قَالَ ط: وَنَظَرَ فِيهِ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْفَاسِدِ. اهـ. قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّوَابَ لَا تَسْتَحِقُّ بِلَا النَّافِيَةِ إذْ لَا احْتِبَاسَ فِيهِ (قَوْلُهُ عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ وَلَوْ عَبْدًا حَتَّى يُبَاعَ فِي نَفَقَتِهَا (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَحْبُوسٍ إلَخْ) هَذِهِ كُبْرَى قِيَاسٍ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ طُوِيَتْ صُغْرَاهُ لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ، وَالتَّقْدِيرُ: الزَّوْجَةُ مَحْبُوسَةٌ لِمَنْفَعَةِ الزَّوْجِ إلَخْ، وَيَنْتِجُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015