الإِسْلَامِ فِي بَنِي مَالِكِ بنِ الحرثِ مِنْ قَصِيْدَةِ أَوَّلُهَا: [من مجزوء البسيط]
أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ مَلحُوْبُ ... فَالقُطبِيَّاتُ فَالذَّنُوْبُ
يَقُوْل مِنْهَا:
تَصْبُو وَأَنَّى لَكَ التَّصَابِي ... أَنَّى وَقَدْ رَاعَكَ المَشِيْبُ
فَكُلُّ ذِي نِعْمَةٍ مَخْلُوْسُهَا ... وَكُلُّ ذِي أَمَلٍ مَكْذُوْبُ
وَكُلُّ ذِي إِبْلٍ مَوْرِثُهَا ... وَكُلُّ ذِي سَلَبٍ مَسْلُوْبُ
وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوْبُ ... وَغَائِبُ المَوْتِ لَا يَؤُوْبُ
مَنْ يَسْأَل النَّاسَ يَحْرِمُوْهُ. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:
لَا يَعِظ النَّاسُ مَنْ لَا ... يَعِظه الدَّهْرُ وَلَا يَنْفَعُ التَّلْبِيْبُ
سَاعِدْ بِأَرْضٍ إِذَا كُنْتَ بِهَا ... وَلَا تَقُلْ أَنَّنِي غَرِيْبُ
قَدْ يُوْصلُ النَّازحُ النَّأيَ ... وَيُقْطَعُ ذُو السُّهْمَةِ القَرِيْبُ
وَالمَرْءُ مَا عَاشَ فِي تَكْذِيْبٍ ... طُوْلَ الحَيَاةِ لَهُ تَعْذِيْبُ
كَانَ مِنْ حَدِيْثِ عَبيْدٍ وَقَتْلِهِ أَنَّ المُنْذِرَ بن مَاءِ السَّمَاءِ بَنَى الغّرنِين عَلَى قَبْرَي رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ كَانَا نَدِيْمَيْهِ وَقَال لَا يَمُرُّ أَحَدٌ مِنْ وُفُوْدِ العَرَبِ إِلَّا بَيْنَهُمَا وَكَانَ لَهُ يَوْمٌ فِي السَّنَةِ يَذْبَحُ فِيْهِ أَوَّل مَنْ يَلْقَاهُ فَبَيْنَا هُوَ يَسِيْرُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ عَبيْدٌ وَافِدًا يَطْلِبُ مِنْهُ الحَبَاءَ وَالجوَائز وَالعَطَاءَ، فَقَال لِرَجُلٍ كَانَ مَعَهُ مَنْ هَذَا الشَّقِيُّ فَقِيْلَ لَهُ عَبيْدُ بنُ الأَبْرَصِ فَأَتَى بِهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَنَزَلَ المُنْذِرُ فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَدَعَا بعَبيْدٍ وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ يَرَى النَّاسَ وَهُمْ لَا يَرَوْنَهُ فَقَال لَهُ ردِيْفُ الملك مَا تَرَى يَا أَخًا بَنِي أَسَدٍ؟ قَال: أَرَى الحَوَايَا بِمَنْزِيَةِ الأَكُفِّ عَلَيْهَا المَنَايَا.
قَالَ: فَقُلْتُ شَيْئًا؟ قَال: حَالَ الجرِيْضُ دُوْنَ القَرِيْضِ، قَال أَنْشِدْنَا:
أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ مَلْحُوْبُ. فَقَال:
أَقْرَى مِنْ أَهْلِهِ عَبِيْدُ ... فَاليَوْمَ لَا يُبْدِي وَلَا يُعِيْدُ