كُلُّ امْرِئٍ عُنْوَانُهُ فِعْلُهُ ... قَد يَنْضَحُ الكُوْزُ بِمَا فِيْهِ

محمَّدُ بنُ حَازمِ:

14115 - مَن لَم يَكُن لكَ مُنصِفًا ... فِي الوُدّ فابغ بهِ بَديلَا

14116 - مَن لم يَكُن للوصَالِ أَهلًا ... فَكُلُّ إحسَانه ذُنُوبُ

يُرْوَى عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِيْنَ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُرِيْهِ إِبْلِيْسَ لَعَنَهُ اللَّهُ مُدَةً طَوِيلَةً فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ جَاءَهُ شَيْخ مُحْدَوْدَبُ الظَّهْرِ بِيَدِهِ عُكَّازٌ وَعَلَيْهِ دِرَاعَةٌ وَعِمَامَةٌ مِنَ الصُّوْفِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَيُّهَا العَبْدُ الصَّالِحُ إِنَّني قَصَدْتُكَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيْدٍ حَتَّى أَسْألكَ مَسْأَلَةً تَجُوْلُ فِي صَدْرِي مِنْذُ زَمَانٍ طَوِيْلٍ لَا أَجِدُ مَنْ يُجِيْبُنِي عَنْهَا وَأُرِيْدُ أَنْ تُجِيْبنِي عَنْهَا. قَالَ لَهُ: مَا هِيَ. قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي إِلَهٍ خَلَقَنِي وَخَلَقَ عَمَلِي وَقَدَّرَهُ عَلَى فَلَا أُطِيْقُ دَفْعَهُ عَنِّي ثم يُحَاسِبُنِي وَيُنَاقِشُنِي وَيُؤَاخِذُنِي بِهِ فَيُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ وَيُدْخِلُنِي النَّارَ أَيَكُوْنُ قَدْ عَدَلَ أَمْ يَكُوْنُ قَدْ ظَلَمَنِي؟ فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: إِبْلِيْسُ فَبَهَتَ الرَّجُلُ ثم رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ ألْهَمْنِي الجوَابَ عَنْ مَسْأَلَتِهِ فَنُوْدِيَ فِي سِرِّهِ: قُلْ لَهُ إِنْ كَانَ لَكَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ أَنْ يَهْدِيْكَ وَقَدْ مَنَعَكَ مِنْ حقَّكَ ظلمكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ فَالمَشِيْئَةُ لَهُ وَالحُكْمُ لَهُ إِنْ شَاءَ هَدَاكَ وَإِنْ لَمْ يَشَأ فَلَا. قَالَ إِبْلِيْسُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَضْلَلْتُ بِهَذِهِ المَسْأَلَةِ كَثِيْرًا مِنْ قَبْلِكَ فَهَلَكُوا وَمَا أَجَابَنِي عَنهَا بِهَذَا الجوَابِ أَحَدٌ إِلَّا أَنْتَ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَبَا مُرَّةَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لآدَمَ وَتُكْفَى شَرَّ هَذِهِ الفِتْنَةِ وَاللَّعْنَةِ وَالغَضَبِ وَالإِبْعَادِ وَالمَقْتِ فَبَكَى إِبْلِيْسُ وَقَالَ: أَيُّهَا العَبْدُ الصَّالِحُ لَقَدْ عَبَدْتُ اللَّهَ كذا كذا أَلْفَ سَنَةٍ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُرِيْنِي اللَّوْحَ المَحْفُوْظَ فَلَمَّا رَأَيتهُ وَجَدْتُ بِهِ عَبْدًا مِنْ عِبَادِهِ مُبْتَلًى بِمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ فَبَقِيْتُ مُتَعَجِّبًا مِنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ: لَيْتَ شِعْرِي مِنْ هَذَا الشَّقِيِّ الَّذِي قَدِ ابتَلَى بِهَذِهِ البَلْوَى وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ حِيْنٌ مِنَ الدَّهْرِ فَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فَأَبْغَضْتُهُ وَجعَلْتُ أَدْخُلُ مِنْ مَنْخُرِهِ وَأَخْرُجُ مِنْ دُبْرِهِ وَهُوَ كَالفَخَّارِ وَأَعْجَبُ مِنْ صُوْرَتهِ وَأَقُوْلُ لَيْتَ شِعْرِي مَا يُرَادُ بِهَذِهِ الصُّوْرَةِ. فَلَمَّا نَفَخُ اللَّهُ فِيْهِ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015