شَغَل الحَلي أهْلُهُ أنْ يُعَارَا. هُوَ مَثَلٌ لِلْعَوَّامِ
وَيَقُولُونَ: هُوَ أغْلَى مِنَ الحَلِي. وَقَالَ الشَّاعِرُ (?): [من مجزوء الخفيف]
قُلْتُ جُوْدِي فَأرْسَلَتْ ... شغَلَ الحَلْىَ أهْلُهُ
وَلنَا مَنْ نَوَدُّهُ ... وَلنَا دَامَ وَصْلُه
وَلِهَذَا البَيْتِ حِكَايَةٌ طَوِيْلَةٌ قَدْ كُتِبَتْ فِي المُخَرَّجَةِ المُقَابِلَةِ لِهَذِهِ الوَجْهَةِ فتطْلَبُ مِنْ هُنَاكَ.
الحِكَايَةُ عَلَى قَوْلِهِ (?):
قَالَ إنّا كَمَا عَهِدْتَ وَلَكِنْ ... شَغَلَ الحَلْيَ أهْلُهُ أنْ يُعَارَا
حَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ حَمْدُونَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى المُعْتَصِمِ يَوْمًا فَوَجَدْتُهُ مُفَكِّرًا فَامْتَنَعْتُ مِنَ السَّلامِ وَوَقَفْتُ فَقَالَ لِي بَعْدَ سَاعَةٍ: مَنْ أذِنَ لَكَ بِالدُّخُولِ؟ فَقُلْتُ: مَوْلاكَ أنْيَانج. قَالَ: فَمَا لَكَ لَمْ تُسَلِّم؟ قُلْتُ: لَو سَلَّمْتُ لَكَانَ فِكْرَكَ صَدَّكَ عَنْ اسْتِمَاعِهِ وَلئِنْ كُنْتُ لَمْ أُسَلِّمْ فَلِئَلَّا أحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا كُنْتَ فِيْهِ مُفَكِّرًا. فَقَالَ: هِيَ حجَّةٌ ثُمَّ لَمْ أزَلْ أتَلَطَّفُ بِالمُذَاكَرَةِ لَهُ وَتَهَيُّجِ نَشَاطِهِ إِلَى أنْ اسْتَدْعَى الغِنَاءَ فَحَضرَتْ جَارِيَة حَسْنَاءُ بَارِعَةُ الكَمَالِ فِي الجمَالِ فَاسْتَأذَنَتْ فَأذِنَ لَهَا فَغَنَّتْ:
حَيِّ طَيْفًا مِنَ الأحِبَّةِ زَارَا ... بَعْدَ صَرع الكَرَى السُّمَّارَا
طَارِقًا فِي الظَّلامِ تَحْتَ دُجَى ... اللَّيْلِ ضنِيْنًا بِأنْ يَزُورَ نَهَارَا
قُلْتُ مَا بَالنَا جُفِيْنَا وَكُنَّا ... قَبْلُ ذَاكَ الأسمَاعَ وَالأبْصَارَا
قَالَ إنِّي كَمَا عَهِدْتَ وَلَكِنْ ... شَغَلَ الحَلْيَ أهْلُهُ أنْ يُعَارَا
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن حَمْدُونَ: فَرَفَعَ المُعْتَصمُ رَأسَهُ إلَيَّ وَقَالَ: مَا مَعْنَى شَغَلَ الحَلْيَ أهْلُهُ أنْ يُعَارَا وَكُنْتُ عَالِمًا بِهِ. فَقُلْتُ: لا عِلْمَ لِي بِهِ. قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمهُ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ. قَالَ: هُوَ مَحْبُوسٌ عَلَى مَالٍ ثَقِيْلٍ؟ قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ وليس فِي