خَالِدُ بن زَهَيْرُ بن الحَارَثِ: [من الطويل]

11527 - فَلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أنْتَ سِرْتَهَا ... فَأوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيْرُهَا

قَالَ مَسْرُورٌ الكَبِيْرُ: لَمَّا أمَرَنِي الرَّشِيْدُ بِقَتْلِ جَعْفَرَ بنِ يَحْيَى دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ أَبُو زَكَّارٍ الطُّنْبُورِيُّ وَهُوَ يُغَنِّيْهِ وَيَقُولُ: فَلا تَبْعَدْ فَكُلُّ فَتًى سَيَأتِي. البَيْتُ

فَقُلْتُ فِي هَذَا واللَّهِ أتَيْتُكَ ثُمَّ أخَذْتُ بِيَدِهِ وَأمَرْتُ بِضَرْبِ رَقْبَتِهِ، فَقَالَ أَبُو زُكَّارٍ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ إِلَّا ألْحَقْتَنِي بِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ قَالَ أغْنَانِي عَمَّنْ سِوَاهُ بِإحْسَانِهِ فَمَا أُحِبُّ أنْ أبْقَى بَعْدَهُ فَقُلْتُ أسْتَأمِرُ أمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ في ذَلِكَ فَمَا أتَيْتُ الرَّشِيْدَ بِرَأسِ جَعْفَرٍ أخْبَرْتُهُ بِقِصَّةِ أَبِي زُكَّارٍ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ فِيْهِ مُصْطَنَعٌ فَاضْمُمْهُ إلَيْكَ وَانْظُر مَا كَانَ جَعْفَرُ يُجْرِيْهِ عَلَيْهِ فَأقِمْهُ لَهُ.

كَانَ الوَزِيْرُ مُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِكِ الزَّيَّاتُ يَقُولُ: الرَّحْمَةُ لا تَكُونُ إِلَّا مِنْ خَوَرٍ فِي الطَّبيْعَةِ، وَكَانَ قَدْ اتَّخَذَ تَنُّورًا مِنْ حَدِيْدٍ يُحْمَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ وَيُعَذَّبُ بِهِ العُمَّالُ فَلَمَّا أمَرَ الوَاَثِقُ مُعَذِّبِيْهِ بِحَبْسِهِ فِي ذَلِكَ التَّنُور الَّذِي اسْتَحْدَثَهُ لِعَذَابِ العُمَّالِ وَإطْبَاقِ طَبُقِهِ عَلَيْهِ جَعَلَ يَقُولُ لِمُعَذِّبِهِ: ارحَمْنِي فَرُفِعَ الخَبَرُ إِلَى الوَاثِقِ فَقَالَ: أيْنَ قَولُهُ لا تَكُونُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ خَوَرٍ فِي الطَّبيْعَةِ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَولِ خَالِدِ بن زَهَيْر بن الحَارَثِ: فَلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أنْتَ سِرْتَهَا. البَيْتُ

وَقِيْلَ للجَّاحِظِ: لِمْ خَذَلْتَ ابن الزَّيَّاتِ وَهَرَبْتَ مِنْهُ لَمَّا أصَابَتْهُ المِحْنَةُ وَقَدْ كَانَ صَاحِبَكَ وَصَدِيْقَكَ؟ فَقَالَ: خِفْتُ أنْ يُقَالَ ثَانِي اثنيْنِ إِذْ هُمَا فِي التَّنُّورِ.

السُّلَمِيُّ: [من الطويل]

11528 - فَلا تَجْزَعَنْ مِنْ مَوْيهِ وَهُوَ نَاشِئٌ ... فَلَنْ يُنْكِرَنْ هَذَاكَ مَنْ جَرَّبَ الدَّهْرَا

بَعْدَهُ:

فَكُلُّ طَوِيْلِ المَجْدِ يَقْصُرُ عُمْرُهُ ... كَذَاكَ عِتَاقُ الطَّيْرِ أقْصَرُهَا عُمْرَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015