فُؤَادٌ مَا تُسَلِّيْهِ المُدَامُ. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:

وَدَهْرٌ نَاسُهُ نَاسٌ صغَارٌ وَإِنْ ... كَانَتْ لَهُمْ جُثَثٌ ضِخَامُ

وَمَا أَنَا مِنْهُمُ وَالعَيْشُ فِيْهِمْ ... وَلَكِنْ مَعْدَنُ الذَّهَبِ الرُّغَامُ

أرَانِبُ غَيْرَ أنَّهُمُ مُلُوكٌ ... مُفتَّحَةٌ عُيُونُهُمُ نِيَامُ

وَلَو حِيْزَ الحفَاظُ بِغَيْرِ عَقْلٍ ... تَجَنَّبَ عُنْقَ صيْقَلِهِ الحُسَامُ

وَشِبْهُ الشَّيْءِ مُنْجَذِبٌ إلَيْهِ ... وَأشْبَهُنَا بِدُنْيَانَا الطَّغَامُ

وَلَو لَمْ يَعْلُ إِلَّا ذُو مَحَلٍ ... تَعَالَى الجَّيْشُ وَانْحَطَّ القَتَامُ

خَلِيْلكَ أنْتَ لا مَنْ قُلْتَ خِلَّي ... وَإِنْ كَثُرَ التَّجَمُّلُ وَالكَلامُ

وَلَو لَمْ يَرع إِلَّا مُسْتَحِقٌّ ... لِرُتْبَتِهِ أسَامَهُمُ المُسَامُ

وَمَا كُلٌّ بِمَعْذُورٍ بِبخْلٍ ... وَلَا كُلٌّ عَلَى بُخْلٍ يُلامُ

وَلَمْ أرَ مِثْلَ جِيْرَانِي وَمِثْلِي ... لِمِثْلِي عِنْدَ مِثْلِهِمُ مَقَامُ

بِأرْضٍ مَا اشْتَهَيْتَ رَأيْتَ فِيْهَا ... فَلَيْسَ يَفُوتُهَا إِلَّا الكِرَامُ

فَهَلَّا كَانَ نَقْصُ الأهْلِ فِيْهَا ... وَكَانَ لأهْلِهَا مِنْهَا التَّمَامُ

إِذَا أدَّاكَ مَالُكَ فَامْتَهِنْهُ ... لِجَادِيْهِ وَإِنْ قَرِعَ المَرَامُ

هَذَا البَيْتُ سَلَخَهُ المُتَنَبِّيّ مِنْ قَولِ عُرْوَةَ بن الوَرْدِ فدَاكَ يَقُولُ: وَإِنْ قَرَعَ المُرَاحُ. والمُتَنَبِّيّ قَالَ: وَإِنْ قَرَع المُرَامُ فَمَا غَيَّرَ فِيْهِ غَيْرَ لَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ فِي آخِرِهِ يَقُولُ مِنْهَا فِي المَدْحِ:

تَلَذُّ لَهُ المُرُوءَةُ وَهِيَ تُؤذِي ... وَمَنْ يَعْشَق يَلذُّ لَهُ الغَرَامُ

وَفَيْضُ نَوَالِهِ شَرَفٌ وَعِزٌّ ... وَفَيْضُ نَوَالِ بَعضِ القَومِ ذَامُ

أقَامَتْ فِي الرِّقَابِ لَهُ إيَادٍ ... هِيَ الأطْوَاقُ وَالنَّاسُ الحَمامُ

لَقَدْ حَسُنَتْ بِكَ الأيَّامُ حَتَّى ... كَأنَّكَ فِي فَمِ الزَّمَنِ ابْتِسَامُ

وَأعْطَيْتَ الَّذِي لَمْ يُعْطَ خَلْقٌ ... عَلَيْكَ صَلاةُ رَبِّكَ وَالسَّلامُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015