دَوَارِجُ قَدْ غَيَّرْنَ ظَوَاهِرَ تُرْبَةٍ ... وَغَيَّرَتِ الأيَّامُ مَا كَانَ مُعْلَمَا
وَغَيَّرَهَا طُولُ التَّقَادُمِ وَالبَلَى ... فَمَا أعْرِفُ الأطْلالَ إِلَّا تَوَهُّمَا
دِيَارُ الَّتي قَامَتْ تُرِيْكَ وَقَد خَلَتْ ... وَأقْوتُ مِنَ الزُّوَارِ كَمًّا وَمِعْصَمَا
تَهَادَى عَلَيْهَا حَليُهَا ذَاتُ بَهْجَةٍ ... وَكَشْحًا كَطَيِّ السَّابِرِيَّةِ أهْضَمَا
وَنَحْرًا كَمَا ثَورُ اللُّجَيْنِ يَزِيْنُهُ ... تَوَقُّدُ يَاقُوتٍ وَشَدْرًا مُنَظَّمَا
كَحَجَر الغَضا هَبَّتْ لَهُ بَعْدَ هَجْعَةٍ ... مِنَ اللَّيْلِ أرْوَاحُ الصِّبَا فَتَبَسَّمَا
يُضِيْءُ لَهَا البَيْتُ الظَّلِيْلُ خَصَاصُهُ ... إِذَا هِيَ لَيْلًا حَاوَلَتْ أنْ تَتَبَسَّمَا
وَعَاذِلتَيْنِ هَبَّتَا بَعْدَ هَجْعَةٍ ... تَلُومَانِ مِتْلافًا مُفِيْدًا مُلَوَّمَا
تَلُومَانِ لَمَّا غَوَّرَ النَّجْمُ ظَلَّةً ... فَتَى لا يَرَى الإتْلافَ فِي الحَمْدِ مُغْرَمَا
فَقُلْتُ وَقَدْ طَالَ العِتَابُ عَلَيْهِمَا ... وَأوْعَدَّتَانِي بِأنْ تَبِيْتَ وَتَصْرِمَا
ألا لا تَلُومَانِي عَلَى مَا تَقَدَّمَا ... كَفَى بِصُرُوفِ الدَّهْرِ للمَرْءِ مُحْكِمَا
فَإِنَّكُمَا لا مَا مَضى تُدْرِكَانِهِ ... وَلَسْتُ عَلَى مَا فَاتَنِي مُتَنَدِّمَا
فَنَفْسَكَ أكْرِمْهَا فَإِنَّكَ إِنْ تَهُن. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:
أهِنْ للَّذِي تَهْوَى التِّلادَ فَإِنَّهُ ... إِذَا مُتَّ كَانَ المَالُ نَهْبًا مُقَسَّمَا
وَلَا تَشْقَيْنَ فِيْهِ فَيَسْعَدَ وَارِثٌ ... حِيْنَ تُخْشَى أغَبَرَ اللَّونِ مُظْلِمَا
يُقَسِّمُهُ غُنْمًا وَيَشْرِي كَرَامَةً ... وَقَدْ صِرْتَ فِي خَطٍّ مِنَ الأرْضِ أعْظَمَا
قَلِيْلٌ بِهِ مَا يَحْمَدَنَّكَ وَارِثٌ ... إِذَا سَاقَ مَا كُنْتَ تَجْمَعُ مَغْنَمَا
تَحَلَّمْ عَنْ الأُذْنَيْنِ وَاسْتَبقْ وُدَّهُمْ ... فَلَنْ تِسْتَطِيْعَ الحِلْم حَتَّى تَحلَّمَا
مَتَى تَرُقِ أضْغَانَ العَشِيرَةَ بِالأنَا ... وَكَفّ الأذَى يَحْسِمْ لَكَ الدَّاءَ مَحْسَمَا
وَمَا اتَّبَعْتَنِي فِي هَوَايَ لِحَاجَةٌ ... إِذَا لَمْ أجِدْ فِيْمَا أمَامِي مُقَدَّمَا
إِذَا شِئْتَ ناَزَيْتَ امْرأ السُّوءِ مَا نَزَا ... إلَيْكَ وَلاطمتَ اللَّئِيْمَ المُلَطَّمَا
وَعَوْرَاءَ قَدْ أُعْرِضَتْ عنها فَلَمْ تَضِرَّ ... وَذِي أوْدٍ قَوَّمَتْهُ فَتَقَوَّمَا
وَأغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيْمِ ادّخَارهُ ... وَأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئِيْمٍ تَكَرُّمَا
وَلَا أخْذُلُ المَوْلَى إِذَا كَانَ خَاذِلًا ... وَلَا أشْتِمُ ابنَ العَمِّ إِنْ كَانَ مُهْجَمَا