قَلْبَهَا وَكَانَ عَمْرُو بن جَنَابٍ يَرَى مَا يَفْعَل فَلَمَّا سَألَهُ أخْبَرَهُ المُرَقِّشُ الخَبَرَ. فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: لا أرْضى عَنْكَ وَلَا أُكَلِّمُكَ أبَدًا أَو تُدْخِلُنِي عَلَيْهَا وَحَلَفَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَانْطلَقَ بِهِ المُرَقِّشُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي كَانُوا يَتَوَاعَدُونَ إلَيْهِ وَأخْبَرَهُ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ ابنَةُ العَجْلانِ وَكَانَا مُتَشَابِهَيْنِ غَيْرَ أَنَّ عمرًا كَانَ أشْعَرُ فَتَنَحَّى مُرقّشٌ وَأدْخَلَت ابْنَةُ عَجْلانَ عَمرًا فَلَمَّا أرَادَ مُبَاشَرَتهَا وَجَدَتْ مَسَّ شَعْرِ فَخْذيْهِ فَاسْتَنْكَرَتْهُ فَإِذَا هُوَ يَرْعِدُ فَدَفَعَتْهُ بِقَدَمِهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: قَبَّحَ اللَّهُ سِرًّا عِنْدَ العَبْدِيِّ، وَدَعَتْ بِابْنَةِ العَجْلانِ فَذَهبتْ بِهِ وَانْطلَقَ إلى صَاحِبهِ فَلَمَّا رَآهُ قَدْ أسْرَعَ الكَرَّةَ عَرَفَ أَنَّهُ قَدْ افْتُضحَ فَعَضَّ عَلَى إصْبعِهِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى أهْلِهِ وَتَرَكَ المَاءَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حَيَاءً وَنَدَامَةً عَلَى مَا صنَعَ وَقَالَ وَهِيَ اخْتِيَارُ المُفَضَّلِ (?):
ألا يَا أسلمى لا أُصرِمُ اليَومَ فَاطِمًا ... وَلَا أبَدًا مَا دَامَ وَصلُكِ دَائِمَا
رَمَتْكِ ابْنَةُ البَكْرِيّ عَنْ فَرْعِ ضَالَةٍ ... وَهُنَّ بِنَا خُوصٌ يَجُلنَ نَعَائِمَا
تَرَاءَت لنَا يَومَ الرَّحِيْلِ بِوَارِدٍ ... وَعَذْبِ الثَّنَايَا لَمْ يَكُنْ مُتَرَاكِمَا
سَقَاهُ حَتَّى المَزْنِ فِي مُتَكَلِّلٍ ... مِنَ الشَّمْسِ رَوَّاهُ ضبَابًا سَوَاجِمَا
أرَتْكَ بِذَاتِ الضَّالِ مِنْهَا مَعَاصِمًا ... وَخَدًّا أسِيْلًا كَالوَذِيْلَةِ نَاعِمَا
صَحَا قَلْبُهُ مِنْهَا عَلَى أَنَّ ذِكْرَةً ... إِذَا خَطَرَتْ دَارَتْ بِهِ الأرْضُ قَائِمَا
تَبَصَّرْ خَلِيْلِي هَلْ تَرَى مِنْ ضَغَائنٍ ... خَرَجْنَ سِرَاعًا وَاقْتَعَدْنَ المَخَارِمَا
تَحَمَّلْنَ مِنْ جَوِّ الوَدِيْعَةِ بَعْدَمَا ... تَعَالَى النَّهَارُ وَاخْتَرَعْنَ الصَّرَائِمَا
تَحِلِّينَ يَاقُوتًا وَشَدْرًا وَصيْغَةً ... وَجَزْعًا ظَفَارِيًّا وَدُرًّا تَمَائِمَا
ألا حَبَّذَا وَجْهًا نُرِيْكَ بَيَاضُهُ ... وَمُنْسَدِلاتٍ كَالمَثَانِي فَوَاحِمَا
وَإنِّي لأسْتَحِي فُطَيْمَةَ طَاوِيًا ... خَمِيْصًا واستَحَى فُطَيْمَةُ طَاعِمَا
وَإنَي لأسْتَحيِيْكِ وَالخَرْقُ بَيْنَنَا ... مَخَافَةَ أنْ تَلْقَى أخًا لِيَ صارِمَا
وَإنِّي وَإِنْ كَلَّتْ قُلُوصِي لَرَاجِمٌ ... بها وَبِنَفْسِي يَا فُطَيْمُ المَرَاجِمَا
ألا يَا أسلمي ثُمَّ اعْلَمِي أَنَّ حَاجَتِي ... إلَيْكِ فَرُدِّي مِن نَوَالِك فَاطِمَا