وَيَنْطِقُ بِالتَّفْضِيْلِ لِسَانُ البَلَاغَةِ، وَيُحْكَمُ لِلشَّاعِرِ بِالحِذْقِ وَالبَرَاعَةِ. عَلَى أَنَّ لِلسَّابِقِ إِلَى المَعَانِي، وَالمُفْتَرِعِ أَبْكَارَ أَلْفَاظِهَا فَضيْلَتُهُ الَّتِي لَا يُدَافَعُ عَنْهَا، وَمَزِيَّتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنَ الاعْتِرَافِ لَهُ بِهَا، كَقوْلِ الأَعْشَى يَصِفُ نَاقَةً (?): [من المتقارب]
كَتُوْمُ الرُّغَاءِ إِذَا هَجَّرَتْ ... وَكَانَتْ بَقِيَّةَ ذَوْدٍ كُتُم
فَأَخَذَهُ الكَمِيْتُ، وَزَادَ عَلَيْهِ أَحْسَنَ زِيَادَةٍ فَقَالَ (?): [من الطويل]
كَتُوْمٌ إِذَا ضجَّ المَطِيُّ كَأَنَّهَا ... تَكَرَّمُ عَنْ أخْلَاقِهِنَّ وَتَرْغَبُ
وَكَقَوْلِ زُهَيْرٍ يَصِفُ فَرَسًا (?): [من الطويل]
بِذِي مَيْعَةٍ لَا مَوْضِعُ الرُّمْحِ مُسْلَمٌ ... لِبُطْءٍ وَلَا مَا خَلْفَ ذَلِكَ خَاذِلُه
أخَذَهُ القُطَامِيُّ، فَنَقَلَهُ إِلَى وَصفِ الإِبلِ، وَتَقَدَّمَهُ فِي الإحْسَانِ فَقَالَ (?): [من البسيط]
يَمْشِيْنَ رَهْوًا فَلَا الأَعْجَازُ خَاذِلَةٌ ... وَلَا الصُّدُوْرُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ
وَكَقَوْلِ الأَعْرَابِيِّ (?): [من الرمل]
لَا تَكُنْ مُحْتَقِرًا شَأنَ امْرِيءٍ ... رُبَّمَا كَانَ مِنَ الشَّأْنِ شُؤُوْنُ
رُبَّمَا قَرَّتْ عُيُوْنٌ بِشَجًى ... مُمْرِضٍ قَدْ سَخُنَتْ مِنْهُ عُيُونُ
أخَذَهُ أَبُو تَمَّامٍ، فَكَسَاهُ لَفْظًا أرْشَقَ مِنْ لَفْظِهِ الأَوَّلِ، فَقَالَ (?): [من البسيط]
وَحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقَى عَوَاقِبُهُ ... جَاءَتْ بَشَاشتُهُ مِنْ سُوْءِ مُنْقَلَبِ