[من الطويل]
10502 - فإِنَّ الأُلَى بألطَفِ من آلِ هَاشمٍ ... تَأَسَّوا فَسنُّوا للكرامِ التأَسِّيَا
قِيْلَ: لَمَّا صَفَا لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَيْرِ الأَمْرُ وَدَانَتْ لَهُ العِبَادُ وَالبِلَادُ إِلَّا أرْضِ الشَّامِ جَمَع عَبْدُ المَلِكِ بن مَرْوَانَ أخْوَتهِ وَعُظَمَاءِ أهْلِ بَيْتِهِ وَاسْتَشَارَهُمْ فِي الطُّلُوعِ إِلَى مُصْعَبِ بن الزُّبَيْرِ بَعْدَ قَتْلِ مُصْعَبٍ لِلْمُخْتَارِ فَأشَارُوا عَلَيْهِ بِالطُّلُوعِ فَجَمَعَ وَاحْتَشَدَ وَلَمْ يَتَّرِك سَارَ وَبَلَغَ ذَلِكَ مُصْعَبًا فَجَمَعَ أَيْضًا وَضَمَّ إلَيْهِ أطْرَافَهُ وَأقَاصِيْهِ وَاسْتَعَدَّ وَخَرَجَ لِلْمُحَارَبَةِ فَتَوَافَى العَسْكَرَانِ بِدَيْرِ الجاثِلِيْقِ وَنَظَرَ أصْحَابُ مُصْعَبٍ إِلَى كَثْرَةِ جُمُوعِ عَبْدِ المَلِكِ فَتَدَاخَلَهُم الرُّعْبُ وَشَمِلَهُم، فَقَالَ مُصْعَبٌ لِعُرْوَةَ وَهُوَ يُسَايِرُهُ: ادْنُ مِنِّي يَا عُرْوَةَ أكَلِّمُكَ. فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا عُرْوَةَ أخْبِرْنِي عَنِ الحُسَيْنِ كَيْفَ صَنَعَ حِيْنَ نَزَل بِهِ الأَمْرُ؟ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ بِحَدِيْثِ الحُسَيْنِ وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ مِنَ النُّزُولِ عَلَى حُكْمِهِ فَأبَى ذَلِكَ وَصَبَرَ عَلَى المَوْتِ فَضَرَبَ مُصْعَبٌ مَعْرِفَةَ دَابَّتِهِ بِالسَّوْطِ ثُمَّ قَالَ:
فَإنَّ الأُلَى بِألْطَفِ مِنْ آلِ هَاشِمِ. البَيْتُ
وَكَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ إِلَى رُؤسَاءِ وَأصْحَابِ مُصعَبٍ بِتَسْلِيْمِهِم إلَيْهِ وَيَعْرِضُ عليهم الدُّخُولَ فِي طَاعَتِهِ وَيَبْذِلَ لَهُمْ الأمْوَالَ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذَلِكَ لَيْلًا فَأصْبَحُوا وَإِذَا أكْثَرُ القَوْمِ قَدْ لَحِقُوا بِعَبْدِ المَلِكِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَزَحَفَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ فَاقْتَتَلُوا وكَانَ رَبِيْعَةُ فِي مَيْمِنَةِ مُصْعَبٍ وَقَالُوا لَا نَكُونَ مَعَكَ وَلَا عَلَيْكَ وَثبَتَ مُصْعَبٌ وَأهْلُ الحِفَاظِ فَقَاتَلُوا وَأمَامَهُمْ إبْرَاهِيْمُ بن الأشْتَرِ فَقُتْلَ إبْرَاهِيْمُ فَلَمَّا رَأى مُصْعَبٌ ذَلِكَ اسْتَمَاتَ فَتَرَجَّلَ وتَرَجَّلَ مَعَهُ حُمَاةُ أصْحَابِهِ فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلَ عَامَّتهُمْ وَانْكَشَفَ البَاقُونَ عَنْهُ وَعَرَضَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ إمَارَةَ العِرَاقِ فَلَم يَقْبَل فَحَمَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ ظَبْيَانَ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ مِنْ وَرَائِهِ وَمُصْعَبٌ لَا يَشْعرُ بِهِ فَخَرَّ صَرِيْعًا فَنَزَلَ فَاحْتَزَّ رَأسِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ فَحَزَنَ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيْدًا وَقَالَ: مَتَى تَغْدُو قُرَيْشٌ مِثْلَ مُصْعَبٍ وَدَدْتُ أَنَّهُ قَبِلَ الصُّلْحَ وَأنِّي قَاسَمْتُهُ جَمِيْع مَا أملِكُ. وَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبٌ اسْتَأمَنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أصْحَابِهِ إِلَى