أقِيْمِي فَإنَّ الفَوْزَ يَا عَزُّ بَعْدَكُمُ ... إلَيَّ إِذَا مَا بِنْتِ غَيْرُ جَمِيْلِ
وَقَالُوا نَأَتْ فَاخْتَرْ مِنَ الصَّبْرِ وَالبُكَا ... فَقُلْتُ البُكَا أشْفَى إذًا لِغَلِيْلِي
قَالَ الرَّبِيْعُ: فَأَذِنْتُ لِلنَّاسِ وَدَخَلَتْ فَقُلْتُ غَلَبَنِي أهْلُكَ عَلَى البَابِ فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ إنَّهَا مِنْ أضَالِيْلَكَ فَلَمَّا غَشِيَهُ النَّاسُ جَلَسَ كَأَنَّهُ صَنَمٌ فَوَاللَّهِ مَا أنْكَرْتُ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا حَتَّى وَارَاهَا فَلَمَّا دُفِنَتْ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهَا طُوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ وَدُمُوعهُ تَتَبَادَرُ عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ (?):
اقْرَأ عَلَى الوَشْلِ السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ ... كُلّ المَشَارِبِ مُذْ نَأَيْتَ ذَمِيْمُ
قال الرَّبِيْعُ: أمَرَنِي المَنْصُورُ أنْ أفْتَحَ خَزَائِنَ أمّ فَرْوَةَ فَأحْضَرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا لَمْ أتَصَوَّر أَنَّ امْرَأةً تَجْمَعُهُ فَاسْتَكْثَرَهُ وَعَجَبَ مِنْهُ وَجَعَلَ يَتَلَهَّفُ كَسَاعَةِ مَوْتِهَا وَقَالَ لِي: أحَجَرٌ أنْتَ ألَا تُعِيْنُنِي بِشَيْءٍ يُبَرِّدُ لَوْعَتِي، أتَحْفِظُ مَرْثِيَّةَ جَرِيْرٍ لِزَوْجَتِهِ؟ فَقُلْتُ: الَّتِي أوَّلُهَا (?):
لَوْلَا الحَيَاءُ لَهَاجَنِي اسْتِعْبَارُ ... وَلَزرْتُ قَبْركَ وَالحَبِيْبُ يُزَارُ
قَالَ: أجَلُ. قُلْتُ: إِنَّ مَمْلُوْكَكَ الفَضْلُ يَحْفَظُهَا. قَالَ: آتِي بِهِ. فَأحْضرْتُهُ وَإنَّهُ لَيرعدُ مِنْ هَيْبَتِهِ فَقَالَ: انْشُدْنِي مَرْثِيَّةَ جَرِيْرٍ. فَأنْشَدَهُ عَجلًا خَائِفًا تَسْتَلِبُ لَفْظَهُ سَلْبًا (?):
قَصيْدَةُ جَرِيْرٍ فِي أُمِّ حَرْزَةَ زوجته أوَّلُهَا:
لَوْلَا الحَيَاءُ لَهَاجَنِي اسْتِعْبَارُ ... وَلَزُرْتُ قَبْركِ وَالحَبِيْبُ يُزَارُ
نِعْمَ القَرِيْنُ وَأيُّ علقِ مَضنَّةٍ ... وَأرَى بِنَعْفَ ثَلَاثَةٌ أحْجَارُ
فَسَقَاكَ مِنْ حَدَثٍ بِبَرْقَةِ ضَاحِكٍ ... هَزِمٌ أجَشُّ وَدِيْمَةٌ مِدْرَارُ
مُتَرَاكِمٌ زجِلٌ يُضيْءُ وَمِيْضُهُ ... كَالبلْقِ تَحْتَ بُطُونهَا الأمْهَارُ