السُّلْطَانِ وَقِلَّةِ ضَبْطٍ لِلْمَمْلَكَةِ وَأنَّهَا لَمْ تَجدْ لِمُلْكِهَا مَوْضِعًا وَلَا لِنَفْسِهَا كُفْئًا غَيْرَكَ فَاقْبِل إلَيَّ وَاجْمَع مُلْكِي إِلَى مُلْكِكَ وَصِلْ بِلَادِي بِبِلَادِكِ وَتَقَلَّد أمْرِي مَعْ أمْرِكَ، فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهَا عَلَيْهِ اسْتَخَفَّهُ مَا دَعَتْهُ إلَيْهِ وَجَمَعَ أصْحَابِهِ وَثِقَاتَهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِم ذَلِكَ وَاسْتَشَارَهُم فِي أمْرِهِ فَأجْمَعَ رَأيُهُم عَلَى أنْ يَسِيْرَ إلَيْهَا وَيَسْتَوْلي عَلَى مُلْكِهَا، وَكَانَ فِيْهِم رَجُل يُقَالُ لَهُ قَصيْر بنُ سَعْدِ بنِ ري بنِ لَخْمٍ وَكَانَ لَبِيْبًا حَازِمًا أرِيْبًا أثِيْرًا عِنْدَ جَذِيْمَةَ نَاصِحًا فَحَالَفَهُمْ فِي المَشْوَرَةِ وَقَالَ: أرَى رَأيًا فَاتِرًا وَغَدْرًا حَاضِرًا. فَأرْسَلَهَا مَثَلًا فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ فَلَمَّا سَارَ جذيْمَةَ إلَيْهَا وَأحَاطَتْ بِهِ كَتَائِبُهَا وَأُخِذَ قَهْرًا يُسَاقُ إلَيْهَا مَأخُوْذًا أنْشَأَ يَقُولُ لأصْحَابِهِ:

لَعَمْرُ أَبِي الزَّبَا عَلَى نَأيِ دَارِهَا ... لَقَدْ وَعَدَتْ مُلْكًا عَرِيْضًا مَذَاهِبُه

دَعَانِي هَوًى فِيْهِ رَجَاءٌ وَيَأسَةٌ ... وَعَمَّا قَلِيْلٍ تَسْتَبِيْنُ عَوَاقِبُه

فَسِيْرُوا فإمَّا مُلْكُ تَدْمُرَ صَبْحةً ... وَإمَّا إِلَى هُلْكٍ تُنَثُّ عَجَائِبُه

وَإنِّي عَلَى إتْيَانِهَا لَمُخَاطِرٌ ... وَكُلُّ امْرِئٍ صَبٌّ بِمَا هُوَ طَالِبُه

حَبَانِي قَصِيْرٌ فُصْحَهُ فَعَصَيْتُهُ ... وَكَانَ امْرَأً لَيْسَتْ تفلُّ تَجَاربُه

فَقُلْتُ لَهُ لَا تَدْخُلَنْكَ رَهْبَةٌ ... وَهَلْ تَمْلِكَنْ رَدَّ الَّذِي أنْتَ رَاهِبُه

فَقَالَ وَلَمْ يَألُ النَّصِيْحَةَ جُهْدَهُ ... طَمِعْتَ بِأمْرٍ أنْتَ لَابُدَّ رَاكِبُهُ

فَأصْبَحْتُ لَا أسْتَطِيع رَدَّ الَّذِي مَضى. البَيْتُ تَضْمِيْن وَبَعْدَهُ:

وَقَدْ كُنْتُ عَنْ زَبَّا غَنِيًّا بِمِعْزَلٍ ... وَلَكِنه قد يَجْلُبُ الحَيْنَ جَالِبُه

وَلَسْتُ عَلَى مَا فَاتَنِي مِنْهُ قَادِرًا ... كَمَا لَا يُطِيْقُ الصَّدْعَ فِي الصَّخْرِ شَاعِبُه

وَلَهُ حِكَايَةٌ طَوِيْلَةٌ تَتَضمَّنُ قَتْلَهُ وَاقْتِصاصِ قَصيْرٍ مِنْهَا بِقَتْلِهَا وَهِيَ حِكَايَةٌ مَشْهُوْرَةٌ.

الحَرَيرِيُّ: [من مجزوء الكامل]

10239 - فاصبِر إِذَا مَا نَابَ نَو ... بٌ فالزَّمانُ أَبُو العَجَب

أَبُو الحَسَن الأطروش البَصرِيُّ: [من الكامل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015