وَقَدْ كُنتُ فِي أكْنَافِ جَارٍ مَضِنَّةٍ ... فَفَارَقَنِي جَارٌ بِإرْبِدَ نَافِعُ
قَالَ: فَبَكَى المُعْتَصِمُ حَتَّى جَرَتْ دُمُوْعُة وَتَرَحَّمَ عَلَى المَأمُونِ وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ لِي ثمَّ انْدَفَعَ المُعْتَصِمُ فَأنْشَدَ بَقِيَّتَهَا:
فَلَا جَزَعٌ إِنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا ... فَكُلُّ أخٍ يَوْمًا بِهِ الدَّهْرُ فَاجِعُ
وَمَا النَّاسُ إِلَّا كَالدِّيَارِ وَأهْلُهَا ... بِهَا يَوْمَ حَلّوهَا وَغَدْوًا بَلَاقِعُ
وَمَا المَرْءُ إِلَّا كَالشِّهَابِ وَضَوْءِهِ ... يَجُوْرُ رمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ
وَمَا البِرُّ إِلَّا مُضْمَرَاتٌ مِنَ التُّقَى ... وَمَا المَالُ إِلَّا مُعْمَرَات وَدَايِعُ
ألَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي ... لزُوْمُ العَصا تُحْنِي عَلَيْهَا الأصَابِعُ
أُخَبِّرُ أخْبَارَ القُرُونِ الَّتِي مَضَتْ ... أدبُّ كَأنِّي كُلَّمَا قِمْتُ رَاكِعُ
فَأَصْبَحْتَ مِثْلَ السَّيْفِ خَلْقَ جَفْنِهِ. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:
فَلَا تَبْعَدَنْ إِنَّ المَنِيَّةَ مَوْعِدٌ ... عَلَيْنَا فَذَانِ لِلطُّلُوعِ وَطَالِعُ
أعَاذِلُ مَا يدْرِيْكَ إِلَّا تَطَيُّنًا ... إِذَا رَحَلَ السُّفَافُ مَنْ هُوَ رَاجِعُ
أتَجْزَعُ مِمَّا أحْدَثَ الدَّهْرُ لِلْفَتَى ... وَأيُّ كَرِيْمٍ لَمْ تُصبْهُ القَوَارِعُ
لَعَمْرُكَ مَا يَدْرِي الطَّوَارِقُ بِالحَصَا ... وَلَا زَاجِرَاتُ الطَّيْرِ مَا اللَّهُ صَانِعُ
قَالَ: فَتَعَجَّبْنَا مِنْ حُسْنِ ألْفَاظِهِ وَصِحَّةِ إنْشَادِهِ وَفَصَاحَتِهِ وَجُوْدَةِ اخْتِيَارِهِ.
المَعَرِّيُّ: [من الطويل]
10234 - فأَصبَحتُ مَحسُودًا بفَضلِيَ وَحدَهُ ... عَلَى بُعدِ أَنصارِي وَقلَّةِ مَالِي
أَبُو دَهبَلٍ: [من الطويل]
10235 - فأَصبَحتُ مِمَّا كَانَ بيني وَبينَها ... سِوَى ذكرِهَا كَالقَابضِ الماءَ باليَدِ
يَقُولُ مِنْهَا: