قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ اللَّبَانَةِ شَاعِرُ آلِ عَبَّادٍ: كَانَ مَلِكُ المَغْرِبِ فِي آلِ عَبَّادٍ إلى زَمَنُ المُعْتَمِدِ على اللَّهِ المُؤَيَّدِ بِنَصْرِ اللَّهِ أَبِي القَاسَمِ مُحَمَّدٍ بن المُعْتَضِد مَرْكَزِ الدَّائِرَةِ مِنْ لَخمِ وَوَاسِطَةِ الحيّين مِنْ يَعْرُبَ وَقحْطَانَ رَحَمَ اللَّهُ مِيتَهُمْ وَعَمَر بِذِي السِّيَادِةِ بَيْتَهُمُ.
وُلِدَ المُعْتَمدُ عَلَى اللَّهِ بِمَدِيْنَةِ بَاجَةَ سَنَة إحْدَى وَثَلاثِيْنَ وَأرْبَع مِائةٍ وَوُلِيَ فِي سَنَةِ إحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخُلِعَ سَنَة أرْبَعَ وَثَمَانِيْنَ وَهُوَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأرْبَعَ مِائَةٍ. قَالَ: وَمَلِكَ المُعْتَمدِ مِن مُسَوَّرَاتِ البلادِ بَيْنَ أمْصارٍ وَمُدُنٍ وَحصُونٍ مِائَتِي مُسوَّرٍ وَأحدٌ وَثَلاثُونَ مُسَوَّرًا وَوُلِدَ لَهُ مِائَةٌ وَثَلَاثة وَسَبْعُونَ وَلَدًا.
وَخُلِعَ المُعْتَمدُ عَن ثَمَانِ مائة امْرَأة أمَّهَات أوْلادِ وَجَوارِيَ مُتْعَةٍ وَإمَاءٍ تَصَرُّفٍ وَكَانَ اللَّحْمُ المُخْتَصُّ بِقَصْرِهِ دُونَ قُصُورِ البَنِيْنَ وَالسَّيِّدَاتِ الخَارِجَاتِ فِي اليَومِ ثَمان مِائَةِ رَطْلٍ والذي كَانَ يَبْقَى لَهُ مِنَ اللَّحْمِ فِي جَمِيع بِلادِهِ فِي اليَومِ وَاللَّيْلَةِ سِتَّةَ عَشَرَ ألْفِ رَطْلٍ. وَمَلِكَ المَغْرِب بَنُو عَبَّادٍ فَكَانَتْ مُدَّةَ دَوْلَتِهِم ثَلاثَةٍ وَسَبْعُونَ عَامًا وَهِيَ مُشَابِهَةٌ لِدَوْلَةِ بُخْتُ نَصْرٍ الَّذِي مَلَكَ الأقَالِيْمَ لأنَّ مُلْكَهُ كَانَ ثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ عَامًا مَلَكَ بُخْتُ نَصْرٍ مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ وَأرْبَعُونَ عَامًا وَمَلَكَ ابنُهُ بَعْدَهُ ثَلاثَةٌ وَعِشْرُونَ عَامًا وَهُوَ أمَدُ المُعْتَمِدِ فِي مُلْكِهِ وَمَلَكَ حَفِيْدُهُ عَامَيْنِ وَانْقَرَضَتْ دَوْلَتُهُم يَومَ الأحَدِ أَيْضًا.
قَالَ: وَكَانَت الدَّوْلَةُ تَرْفُلُ فِي نَضْرَةِ نَعِيْمِهَا وَتَخْتَالُ فِي نَصْرَةِ زَعِيمِهَا وَكَانَ الأجلُ الأسْتَاذُ الوَزِيْرُ أَبُو الوَليْدِ ابن زَيْدُونَ فِي جِهَةِ المُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ وَزِيْرَهَا وَبَاقِي الوزْرَاءِ مَعَ أوْلادِ المُعْتَمِدِ وَكَانَت مُضاهِيَةً لِلدَّوْلَةِ العبَّاسِيَّةِ فِي الجَّلالَةِ وَالبَهَاءِ.
وَلَمَّا أرَادَ اللَّهُ فِيْهمْ إنْفَاذَ حُكْمِهِ وَإظْهَارَ مَكْنُونِ عِلْمِهِ رَأى رَجُلٌ فِي مَنَامِهِ كَأَنَّهُ فِي جَامِعِ قُرْطُبَةَ فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أقْبَلَ فَصَعِدَ المَنْبَرِ وَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ يُنْشِدهُم:
رُبَّ رَكْبٍ قَدْ أنَاخُوا عَلَيْهِم. البَيْتَانِ.
وَنَشَأت الفتنةُ بِحَضْرَةِ إشْبِيْلْيَة ثَمَانِ مِائَةَ فَارِسٍ وَكَانَ المُعْتَمِدُ إِذَا احْتَفَلَ رَكَبَ فِي خَمْسَةِ آلافِ فارِسٍ. وَكَانَ رَأسُ القَائِمِيْنَ بِهَذِهِ الفِتنةِ الوزيرُ أَبُو القَاسِم بنُ الهُوزِيّ وَكَانَ المُعْتَضِدُ قَتَلَ أبَاهُ وَألْقَى أبَا القَاسِم فِي مُطْبَقَةٍ حَتَّى وَلَّى المُعْتَمِدِ فَأمَرَ بِفَكَاكِهِ