كَأَنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُدْوَةً ... خَلايَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِفِ مِن دَدِ
عَدُوْلِيَّةً أو مِنْ سَفِيْنِ ابن يَامِنٍ ... يَجُورُ بِهَا المَلَّاحِ طوْرًا ويَهْتَدِي
يَشِقُّ حُبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا ... كَمَا قَسَّمَ التربَ المفايلَ بِاليَدِ
يَقُولُ مِنْهَا:
وَوَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ حَلَّتْ قِنَاعَهَا ... عَلَيْهِ نَقِيّ اللَّوْنِ لَمْ يَتَخدَّدِ
وَتَبْسِمُ عَنْ ألَمَى كَأَنَّ مُنَوّرًا ... تَخَلَّلَ حرُّ الرَّمْلِ دعْصٌ لَهُ نَدِ
يَقُولُ مِنْهَا:
وَإِنّي لأُمْضِي الهمَّ عنْدَ احتضَارِهِ ... بِعَوجاءَ مرقَالٍ تَرُوحُ وَتَغْتَدي
أَمُونٍ كألواحِ الإِرَانِ نسَأتُهُا ... عَلَى لَاحبٍ كَأَنَّهُ ظهرُ بُرْجُدِ
إِذَا القوَمُ قَالُوا من فتًى خِلْتُ أنّني ... عُنيتُ فلم أَكَسلْ وَلَم اتبَلّدِ
وَلَسْتُ بِحَلَّالِ التّلَاع مَخافةً ... وَلَكِنْ متَى يَستَرفْدِ القَومُ أَرْفِدِ
أَلا أيُّها اللّاحي أَنْ اشَهَدَ الَوغَى ... وَأَنْ أَحْضُر اللَّذاتِ هَلْ أَنتَ مُخلِديْ
فَإِنْ كُنتَ لَا تَسْطيعُ دَفْعَ مَنيَّتي ... فَذَرني أبادِرْهَا بِمَا مَلكَتْ يَديْ
فلولَا ثلَاثٌ هُنَّ مِنْ عيْشةِ الفَتَى ... وَجدِّكَ لم أجْفل متَى قَامَ عُوّدِي
فمِنُهنَّ سَبْقُ العَاذِلَاتِ بشربةٍ ... كُميْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بالماءِ تُزْبد
وَكَرّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّبًا ... كَسِيْدِ الغَضَا نَبَّهتهُ المُتَوَرِّدِ
وَتَقْصِيْرُ يَومِ الدَّجْنِ وَالدَّجْنُ مُعْجَبٌ ... بِنَكْهَتِهِ تَحْتَ الخِبَاءِ المُعَمَّدِ
فَذَرني أرْوِي هَامَتِي فِي حَيَاتِهِ ... سَتَعْلَمُ إِنْ متْنَا صدًى أيُّنَا الصَّدِي
أرَى قَبْرَ نَحّامٍ بَخَيْلٍ بِمَالِهِ ... كَقَبْرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَةِ مُفْسِدِ
تَرَى حَشْوَتَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهمَا ... صَفَائحُ صُمٍّ مِن صَفِيْحٍ مُنَضَّدِ
أرَى المَوتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ وَيَصْطَفِي ... عَقِيْلَةَ مَالِ الفَاحشِ المُتَشّدِّدِ
أرَى العُمْرَ كَنْزًا نَافِذًا كُلّ لَيْلَةٍ ... وَمَا تُنْقِصُ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَدِ
لَعُمركَ إِنَّ المَوْتَ مَا أخْطَأ الفَتَى ... لكَالطَّولِ المُرْخَى وَثَنْيَاهُ بِاليَدِ