كَثِيْرًا وقَالَ لِلْمَلِكِ أُحبُّ أنْ تَتَغَدَّى عِنْدِي فَأتَاهُ المُنْذِرُ وَأبُو ذُؤَادٍ مَعَهُ فَبَيْنَا الجِفَانُ تَرْفَعُ وَتُوضَعُ إِذْ جَاءَتْ جَفْنَة عَلَيْهَا أحَدُ رُؤُوسِ بَنِي أَبِي ذُؤَادٍ فَقَالَ أَبُو ذُؤَادٍ: أبَيْتَ اللَّعْنَ إنِّي جَاركَ وَقْدْ تَرَى مَا صَنَعَ بِي. وَكَانَ رَقبةُ أَيْضًا جَارًا لِلمُنْذِرِ فَوَقَعُ المُنْذِرُ مِنْهُمَا فِي سُوءٍ وَأمَرَ بِرَقَبَة فَحُبِسَ، وقَالَ لأبِي ذُؤَادٍ: مَا الَّذِي يُرْضِيْكَ؟ قَالَ: تَبْعَثُ إلَيْهِم بِكَتِيْبَتِكَ الشَّهْبَاءِ وَالدَّوْسَرِ. فَفَعَلَ، فَقَالَ رَقبة لامْرَأتِهِ: إِلحَقِي بِالقَومِ فَاخْبِرِيْهم، فَأتَتْ قَومَهَا فَأخْبَرَتْهُم ثُمَّ قَالَتْ: أَنَا النَّذِيْرُ العُرْيَانُ. فَأرْسَلتهَا مَثَلًا وَصَعدَ القَومُ إِلَى عُلْيَا الشَّامِ وَأقْبَلَتْ الكَتِيْبَتَانِ فَلَمْ يُصِيْبَا مْنْهُم أحَدًا فَقَالَ المُنْذِرُ لأبِي ذُؤَادٍ: قَد رَأيْتَ مَا كَانَ مِنْهُم أفَيُسْكِتُكَ عَنِّي أنْ أُعْطِيْكَ بِكُلِّ رَأسٍ مِأتِي بَعِيْرٍ؟ قَالَ: نَعَم. فَأعْطَاهُ ذَلِكَ. فَقِيْلَ كَجَارِ أَبِي ذُؤَادٍ. يُضرَبُ فِي مَدْحِ مَن يَقُومُ بِحَقِّ جَارِه. وَأَمَّا قَولُ امْرَأةِ رَقْبَةَ لِقَومِهَا أَنَا النَّذِيْرُ العَرْيَانُ، فَقَالَ ابْنُ الكَلْبِيُّ: المَثَلُ لَهَا. وقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا قَالُوا النَّذِيْرُ العَرْيَانُ لأنَّ الرَجُلَ إِذَا رَأى الغَارَةِ قَد فَجِئَت قَوْمَهُ وَأرَادَ إنْذَارهُم تَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ وَأشَارَ بِهَا لِيُعْلِمَ أن قَد فَجِئهُم أمْرٌ، ثُمَّ صَارَ مَثَلًا يضْرَبُ عَلَى كُلِّ أمْرٍ يُخَافُ مُفَاجَأتهُ وَلِكُلِّ أمْرٍ لا شُبْهَةَ فِيْهِ.
الرّضي المُوسَوِيُّ:
8638 - سَأُقدِمُ لَا مُستَعظِمًا مَا لَقيتُهُ تَوسَّعَ ... لِي فِي الروَعِ أو ضَاقَ مَقدَمي
قَالَ كَاتِبُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ (?):
سَأُقْصِرُ أيَّامَ الحَيَاةِ جَمِيْعَهَا ... عَلَى طَلبِ العَلْيَاءِ أو طَلَبِ الأجْرِ
ألَيْسَ مِنَ الخُسْرَانِ وَقْتٌ مُضَيَّعٌ ... يَفُوتُ بِلا نَفْعٍ وَيُحْسَبُ مِنْ عُمْرِي
وَنَحْنُ بَنُو الدُّنِيَا كَرُكَّابِ قَارِبٍ ... نُظنُّ جُلُوسًا وَالزَّمَانُ بِنَا يَسْرِي
فَمِنْ غَافِلٍ قَدْ أسْلَمَتْهُ يَدُ الرّدَى ... وَمُنتظِرٍ قَدْ تَاهَ فِي لُجَجِ البَحْرِ
لَعَمْرُكَ مَا تَدْرِي العَتَى مُسْتَقِرَّةٌ ... وَلَا أنْتَ تَدْرِي أيْنَ نَمْضي وَلَا أدْرِي
وَمضى ثَمَّ إِلَّا النَّارُ وُقِّيْتَ شَرَّهَا ... وَجَنَّاتُ عَدْنٍ تَحْتَهَا أنْهُر تَجْرِي