بَعْدَهُ:
يَقُولُ المُتَنَبِّي مِنْ قَصِيْدَتِهِ هَذِه:
وَاحْتِمَالُ الأذَى وَرُؤْيَةُ جَانِيْهِ ... غِذَاءٌ تَضْوَى بِهِ الأجْسَامُ
ذَلَّ مَنْ يَغْبِطُ الذَّلِيْلَ بِعَيشٍ ... رُبَّ عَيْشٍ أخَفُّ مِنْهُ الحِمَامُ
كُلُّ حُلْمٍ أتَى بِغَيْرِ اقْتِدَارٍ ... حُجَّةٌ لاجِئٌ إِلَيْهَا اللئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلُ الهَوَانُ عَلَيْهِ ... مَا لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إِيلامُ
يَقُولُ ذَلِكَ فِي عَلِيّ بنُ أَحْمَدَ الخُرَاسَانيّ يَمْدَحُهُ وَيُطْرِيهِ وَكَانَ بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ.
الفَرزدَق:
7896 - خَيرُ الشِّعرِ أَشرَفُهُ رِجَالًا ... وَشرُّ الشِعرِ مَا قَالَ العَبيِدُ
قِيْلَ حَضَرَ عِنْدَ سُلَيمَانَ عَبدُ المَلِكِ الفَرَزدَقُ وَنَصِيْبُ فقَالَ لِلِفَرَزْدَقِ انشُدني، وَإنّما أرَادَ سُلَيْمَانُ يَنشُدهُ مُدحًا فيْهِ فقَالَ الفَرَزْدَقُ (?):
ورَكبٍ كأنَّ الرّيح تطلبُ عندَهُم ... لهاتِرَةً مِن حذبِهَا بالعَصَايِبِ
والأبياتُ مَكتوبَةٌ كُلّهَا بَابُ فَصَاحةُ اللّفظِ في الجِزْءِ الأوّلِ من هذا الكِتَابِ
فأعرَضَ سُلَيْمَانُ عَنْهُ كالمُغضبِ وَقَالَ لنُصَيبٍ انشِدُ مَولاكَ فقَالَ نُصيبٌ (?):
أقُولُ لِرُكْبِ صَادرينَ لَقَيْتُهم ... قفا ذات أو شالٍ وَمولاكَ قَارِبُ
قِفُوا خَبِّرُوني عَن سُلَيْمَانَ إنّني ... لِمَعْرُوفهِ مِن أهْلِ وَدَّانُ طَالِبُ
فعاجُوا فأثنوا بالّذي أنتَ أهلُهُ ... وَلَو سَكَتُوا أثْنَتْ عَليْك الحَقَائِبُ
فقَال سُلَيْمَانُ لِلفَرَزدَقِ كَيفَ تَرَى؟ فقَالَ هذَا شعرُ أهْلُ بَلدَتهِ وَقَامَ الفَرَزْدَقُ وَهُوَ يقُولُ: خَيْرُ الشّعرِ أشْرَفُهُ رِجَالًا. البيت.