عَامِرُ بنُ مَالِكٍ مَلاعِبُ الأسِنَّةِ وَشَخَصَا يَرِيْدَانِ هَرِمَ بن قُطْبَةَ لِيَحْكُمَ بِيْنَهُمَا فَشَخَصَ بَنُو مَالِكِ بن جَعْفَرٍ مَعَ عَامِرٍ وَمَعَهُ لَبيْدُ بنُ رَبِيْعَةَ. وَشَخَصَ بَنُو الأحْوَصِ بن جَعْفَرٍ مَعَ عَلْقَمَةَ بن عُلاثةَ وَمَعْهُم الحُطَيْئَةِ الشَّاعِرُ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلاثَمِائَةِ بَعِيْرٍ يعطِي مِنْهَا مِائَةً وَيَعْقِرُ مِائَةً وَيَأكُلُ المُنَفَّرُ وَأصْحَابَهُ فِي الطَّرِيْقِ مِائَةً فَلَمَّا بَلَغَ هِرْمًا دُنُوَّهُمَا اسْتَحفَى فَجَعَلا يَتَهَاتَرَانِ فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَنَا عَفِيْف وَأَنْتَ عَاهِرٌ وَأَنَا وَلُودٌ وَأَنْتَ عَاقِرٌ وَأَنَا أقْرَبُ إِلَى رَبِيْعَةَ بن نِزَارٍ مِنْكَ فَقَالَ عَامِرٌ: أخَّرْتَنِي بيَشْكُرٍ وَبَكْرٍ. وَالنخبينِ أهْلُ سَيْفِ البَحْرِ وَالعَبْدِ عَبْدِ القَيْسِ أهْلِ التَّمْرِ. هَذَا أوَانُ أَخَذَت للنَّصرِ. قَالَ: فَلَمَّا رَأوا هرمًا لا نطهر إلَيْهِم تَوَجَّهُوا إِلَى عُكَاظ فَلَقَى الأعْشَى عَامِرًا وَكَانَ قَدْ أجَارَهُ فِي وَقْتِ انْصرَافِهِ مِن مَدْحِ الأسْوَدِ وَأجَازَ مَا كَانَ مَعَهُ مِن مَالٍ وَأجَارَهُ أَيْضًا بَعْدَ مَوتهِ بِأنْ يَضْمَن إعْطَاءَ دِيَّتِهِ إِنْ مَاتَ فِي جِوَارِهِ فَقَالَ لَهُ الأعْشَى مَا الخُطْبُ فَأخْبَرَهُ فَرَجَعَ مَعَهُ وقَالَ إنِّي قَائِل أبْيَاتًا أنفِرَكَ عَلَيْهِ بِهَا وَأزعمُ أنَّكُمَا حَكَمْتُمَانِي ثُمَّ أَنَا وَاقِفٌ عَلَى سُوقِ عُكَاظَ فَمُنْشِدُهَا فَوَاعِدْ أصْحَابِكَ أنْ يَعْقرُوا الإبْلَ وَيَحْفَظُوا الشِّعْرَ فَفَعَلَ وَغَدَا الأعْشَى وَرَفَعَ عَقِيْرَتَهُ بِالغِنَاءِ وَالإنْشَادِ فَقَالَ (?):
عَلْقَم لا لَسْتَ إِلَى عَامِرِ ... النَّاقصِ الأوْتارِ وَالوَاتِرِ
سُدْتَ بَنِي الأحْوَص لَم تَعدُهُم ... وَعَامِرٌ سَادَ بَنِي عَامِرِ
سَادَ وَألْفَى رَهْطَهُ سَادَةً ... وَكَابِرًا سَادُوك عَنْ كَابِرِ
مَا يَجْعَلُ الجدُّ الظَّنُونَ الَّذِي ... جُنِّبَ صَوبَ اللَّجِبِ المَاطِرِ
مِثْلُ الفُرَاتِيُّ إِذَا مَا طَمَا ... يَقذِفُ بِالبُوصيُّ وَالمَاهِرُ
حَكَمْتُمُوهُ فَقضَى بَيْنَكُمْ. البيتُ وَبَعْدَهُ (?):
لا يَأخُذُ الرَّشْوَةَ فِي حُكْمِهِ ... وَلَا يُبَالِي غَبَنَ الخَاسِرِ
قال: وَلَم يَزِدْ عَلَى هَذِهِ الأبْيَاتُ. وَشَدَّ أصْحَابُ عَامِرٍ عَلَى الإبْلِ فَعَقرُوهَا وَنَادُوا