تَذَكَّرْتُ قَرْمًا بَانَ مِنَّا بِنَصْرِهِ ... وَنَائِلِهِ يا حَبَّذَا ذَلِكَ الذّكْرُ
فَإنْ تَكُنِ الأيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا ... فَقَدْ بَانَ مِنَّا فِي تَذَكُّرِهِ العُذْرُ
وَكُنْتُ أرَى هَجْرًا فرَاقَكَ سَاعَةً ... ألَّا لا بَلِ المَوْتُ التَّفَرُّقُ وَالهَجْرُ
أحَتْمًا عِبَادَ اللَّهَ إِنْ لَسْتُ لاقِيًا ... يَزِيْدُ طِوَالَ الدَّهْرِ مَا لألأ العُفْرُ
فَتًى إِنْ هُوَ استَغْنَى تَخَرَّقَ فِي الغِنَى ... إِنْ قَلَّ مَالًا لَمْ يُوَدُّ مَتْنُهُ الفقرُ
تَرَى القَوْمَ فِي العَزَاءِ يَنْتَظِرُونَهُ ... إِذَا ضلَّ رَأيُ القَومِ أو حَزَبَ الأَمْرُ
فَلَيْتَكَ كُنْتَ الحَيَّ فِي النَّاسِ بَاقِيًا ... وَكُنْتُ أَنَا المَيْتَ الَّذِي أدْرَكَ الدَّهْرُ
فَتًى يَشْتَرِي حُسْنَ الثَّنَاءِ بِمَالِهِ ... إِذَا السّنَةُ الشَّهْبَاءُ قَلَّ بِهَا القَطْرُ
كَأنْ لَمْ يُصَاحِبُنَا يَزِيْدُ بِغِبْطَةٍ ... وَلَمْ تَأتِنَا يَومًا بِأخْبَارِهِ البُشْرُ
وَلَمَّا نَعَى النَاعِي يَزِيْدُ تَغوَّلَتْ ... بِيَ الأرْضُ فَرْطِ الحُزْنِ وَانْقَطَعَ الظَّهْرُ
إِلَى اللَّهِ أشْكُو فِي يَزِيْدَ مُصيْبَتِي ... وَبَثِّيَ أحْزَانًا تَضمَّنَهَا الصَّدْرُ
وَقَدْ كُنْتُ أسْتَعْفِي الإلَهَ إِذَا اشْتَكَى ... مِنَ الأجْرِ لِي فِيْهِ وَإِنْ سَرَّنِي الأجْرُ
وَمَا زَالَ فِي عَيْنَيَّ بَعْدُ غَشَاوَةٌ ... وَسَمْعِي عَمَّا كُنْتُ أسْمَعُهُ وَقْرُ
عَلَى أنَّنِي أقَنَى الحَيَاءَ وَأتَّقِي ... شَمَاتَةَ أعْدَاءٍ عُيُونَهُمُ خُزْرُ
حَلَفْتُ بِرَبِّ الرَّافِعِيْنَ أكًفَّهُم ... وَرَبِّ الهَدَايَا حَيْثُ حَلَّ بِهَا النَّحْرُ
وَمُجْتَمَعِ الحُجَاجِ حَيْثُ تَوَافَقَتْ ... رِفَاق مِنَ الآفَاقِ تَكْبِيْرُهَا جَأْرُ
يَميْنَ امْرِئٍ آلَى وَلَيْسَ بِكَاذِبٍ ... وَمَا فِي يَمِيْنٍ بَثَّهَا صَادِقٌ وِزْرُ
إن كَانَ أمْسَى ابن المُعَذَّرِ ثَاوِيًا ... يَزِيْدُ لَنْعمَ المَرْءُ غَيَّبَهُ القَبْرُ
هُوَ الحِلْفُ لِلْمَعْرُوفِ فَالدِّيْنُ وَالهُدَى ... وَمسْعِرُ حَرْبٍ لا كَهَامٌ ولا غُمْرُ
أقَامَ وَنَادَى أهْلُهُ فَتَحَمَّلُوا ... وَصُرِّمَتِ الأسْبَابُ وَاخْتَلفَ النَّحْرُ
فَتَى الحَيِّ وَالأضيَافِ إِنْ رَوَّحْتُهُم ... بِلَيْلٍ وَزَادَ السفرِ إِنْ أرْمَل السَّفْرُ
إِذَا جَارَةٌ حَلَّتْ إلَيْهِ وفَى بِها ... فَبَاتَتْ وَلَمْ يُهْتَكْ لِجَارَتهِ سِتْرُ
عَفِيْفٌ عَنِ السَّوءَاتِ مَا التَبَسْتَ بِهِ ... صَليْبٌ فَمَا يَلفَى لِعُودٍ لَهُ كَسْرُ
سَلَكْتَ سَيْلَ العَالَمِيْنَ وَلَيْسَ لَهُمْ ... وَرَاءَ الَّذِي لاقَيْتَ مَفْدًى ولا قَصْرُ