حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ تَخَلَّى غَيْهَبُه ... وَأَقْبَلَ الصُّبْحُ وَغَابَ كَوْكَبُه
فَحُطَّ عَنْهُ رَحْلَهُ وَسِيْبُه.
فَانْتَبَهْتُ فَإِذَا أَنَا بِنَاقَةٍ فَرَكِبْتُها لَزَمْتُ طَرِيْقِي فَسَارَتْ بِي فِي لَيْلَةٍ مَسِيْرَةَ لَيالٍ فَلَمَّا بَلَغتُ مَأمَنِي قَامَتْ بِي فَعَلِمْتُ أَنَّهَا مَأمُوْرَةٌ فَحَطَطْتُ عَنْهَا رِحْلِي وَخَلَيْتُ سَبيْلهَا فَلَمَّا مَرَّتْ غَيْرَ بَعِيْدٍ أَنْشَأتُ أَقُوْلُ (?):
يَا أَيُّهَا البَكْرُ قَدْ أَنْجَيتِ مِنْ كُرَبٍ ... وَمِنْ فيَافٍ تُضِلُّ المُدْلَجُ الهَادِي
ألَا تُخَبِّرُنَا بِالحَقِّ مَعْرِفَةً مَنْ ذَا ... الَّذِي جَادَ بِالمَعْرُوْفِ فِي الوَادِي
ارْجع سَلِيْمًا فَقَدْ بَلَغْتَ مَأمَنَنَا ... بُوْرِكْتَ مِنْ ذِي سَنَاءٍ رَائِحٍ غَادِ
فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَهُو يَقُوْلُ (?):
إِنَّ الشُّجَاعَ الَّذِي أَبْصَرْتَهُ رَمَقًا ... وَاللَّهِ يَكْشِفُ هَمَّ المُكْرَبِ الصَّادِي
وَجُدْتَ بِالمَاءِ لَمَّا ضَنَّ صَاحِبُهُ ... رَوَّيَتْ ظِمْئًا وَلَمْ تُوْلَعْ بِإِنْكَادِ
الخَيْرُ يَبْقَى وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ ... وَالشَّرُّ أَخْبَثُ مَا أَوْعَيْتَ مِنْ زَادِ
البَيْتُ وَعَبِيْدُ هَاهُنَا مِنْ فُحُوْلَةِ شُعَرَاءِ الجَّاهِلِيَّةِ قَدِيْمٌ وَهَذَا البَيْتُ أَشْرَدُ مَثَلٍ قِيْلَ فِي مَعْنَاه. يُقَالُ وَعَيْتُ العُلُوْمَ أي جَمَعْتُهَا فِي سَمَعِي وَأَوْعَيْتُ المتَاعَ فِي الوِعَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (جَمَعَ فَأَوْعَى).
ابْنُ زُرَيْق الكَاتِبُ: [من البسيط]
3548 - الخَيْرُ يَبقَى وَيَفْنَى مَا سِوَاهُ وَكَمْ ... قَدْ كَانَ قَبْلكَ مُلْكٌ فَانْقَضَى وَمَضَى
قَبْلهُ:
اسْمَعْ لِنُصْحِي وَلَا تَغْضَبْ عَلَيَّ ... فَمَا أبْغِي بِقَوْلي لَا مَالًا وَلَا عِوَضا
الخَيْرُ يَبْقَى. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:
فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي هَذَا الرَّوَاق عَلَى ... هَذَا السَّرِيْرِ رَأَيْتُ المُلْكَ. . .