قراءة القرآن بالألحان العجمية وتحسين قراءته بنغماتهم ويحسبون أنهم على شيء وإنما تزين قراءته بألحان العرب الذي أنزل بلسانهم وذلك أن طبع الموسيقى العجمي لا يتم إلا بمد ما لا يمد وقصر ما لا يقصر وعلى خلافه اللحن العربي ولذلك ورد الاذن به فقيل فيما روي (اقرأوا القرآن بألحان العرب) وهذا المبذول قد يمتنع لعارض، قال الشيخ أبو العباس في القباب في شرح قواعد عياضرحمهما الله عند قول القاضي حسن الصوت ما نصه: سئل مالك في العتبية في النفر يكونون في المسجد فيقولون لرجل حسن الصوت اقرأ علينا يريدون حسن صوته فكره ذلك وقال إنما هذا شبه الغناء قيل له أفرأيت قول عمر لأبي موسى الاشعري رضي الله عنهما ذكرنا ربنا، فقال إن من الأحاديث أحاديث قد سمعتها وأنا أتقيها ووالله ما سمعت هذا قط قبل هذا المجلس وكره القراءة بالالحان وقال هذا شبه الغناء ولا أحب أن يعمل بذلك وقال إنما اتخذوها يأكلون بها ويكسبون عليها
(شرح) قال القاضي أبو الوليد بن رشد إنما كره مالك للنفر يقولون للحن الصوت إقرأ علينا إذا أرادوا بذلك حسن صوته كما قال لا إذا قالوا ذلك استدعاء لرقة قلوبهم لسماعهم قراءته الحسنة فقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن أي ما استمع لشيء ما استمع لنبي يحسن الصوت بالقرآن طلباً لرقة قلبه بذلك وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى أبا موسى الأشعري قال له ذكرنا ربنا فيقرأ عنده وكان حسن الصوت فلم يكن عمر ليقصده لا لالتذاذ حسن صوته وإنما استدعى رقة قلبه بسماع قراءة القرآن وهذا لا بأس به إذا صح من فاعله على هذا الوجه وقوله إن من الأحاديث أحاديث سمعتها وأنا أتقيها وإنما أتقي أن يكون التحدث بما روي عن عمر ذريعة لاستجازه القرآن بالالحان ابتغاء استماع الأصوات الحسان والالتذاذ بذلك حتى يقصد أن يقدم الرجل للامامة لحسن صوته لا لما سوى ذلك مما يرغب في امامته من أجله فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (بادروا بالموت أشياء) ذكر أحذها نشواً يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقهاً فالتحذير إنما وقع لإيثارهم تقديم حسن الصوت على