ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا

والثالثة أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتبتل إليه بسرائره وهي التقوى الحقيقي المطلوبة بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته} اهـ

في تفسير ابن جزي: درجات التقوى خمس أن يتقي العبد الكفر وذلك مقام الإسلام أن يتقي المعاصي والمحرمات وهو مقام التوبة وأن يتقي الشبهات وهو مقام الورع وأن يتقي المباحات وهو مقام الزهد وأن يتقي حضور غير الله على قلبه وهو مقام المشاهدة، قال والبواعث على التقوى عشرة خوف العقاب الدنيوي والأخروى ورجاء الثواب الدنيوي والأخروي فهذه أربعة وخوف الحساب والحياء من نظر الله وهو مقام المراقبة والشكر على نعمه لطاعته والعلم لقوله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} وتعظيم جلال الله وهو مقام الهيبة، وصدق المحبة فيه لقول القائل

تعصى الإله وأنت تظهر حبه

هذا محال في القياس بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته

إن المحب لمن يحب مطيع

وقال آخر

قالت وقد سألت عن حال عاشقها

بالله صفه ولا تنقص ولا تزد

فقلت لو كان رهن الموت من ظمأ

وقلت قف عن ورود الماء لم يرد

انتهى والسالك أي إلى الله تعالى وهو المريد ويقابله المجذوب وهو المراد وهذا الثاني أعلى، قال الشيخ العارف سيدي أبو عبد الله بن عباد رضي الله عنه ونفعنا به: بنو آدم في أول نشأتهم ومبدأ خلقتهم وخروجهم من بطون أمهاتهم موسومون بالجهل وعدم العلم قال الله تعالى {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} ثم إن الله تعالى لما اختص بعضهم بخصوصية عنايته واختار منهم من أهله لولايته وما ذلك إلا بحصول العلم الذي يتضمنه قوله تعالى {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} الذي يحقق لهم النسبة ويوجب لهم الزلفة والقربة المشار إلى ذلك بقوله {لعلكم تشكرون} جعلهم على قسمين مرادين ومريدين وإن شئت قلت مجذوبين وسالكين وكلاهما مراد ومجذوب على التحقيق قال الله عز وجل {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب} فالمريدون السالكون إلى الله تعالى في حال سلوكهم محجوبون عن ربهم برؤية الأغيار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015