والعجب وأخواتهما وتتبع هذه الثلاث المهلكات وإزالتها فرض عين ولا يمكن إلا بمعرفة حدودها ومعرفة أسبابها ومعرفة علاجها فإن من لا يعرف الشر يقع فيه والعلاج ممكن وهو مقابلة الشيء بضده فكيف يمكن دون معرفة السبب والمسبب فأكثر ما ذكرناه في ربع المهلكات من فروض الأعيان وقد تركه الناس كافة اشتغالا بما لا يعني وأشار بقوله تحصيله يكون بالمعرف إلى تحصيل علم التصوف بمعنى الاتصاف بثمرته يكون بالشيخ المعرف للمريد عيوب نفسه وخبايا حظوظها قال الإمام أبو عبد الله بن عباد ولا بد للمريد في هذا الطريق من صحبة شيخ محقق مرشد قد فرغ من تأديب نفسه وتخلص من هواه فيسلم نفسه إليه وليلزم طاعته والانقياد اليه في كل مايشير به عليه من غير ارتياب ولا تردد فقد قالوا من لم يكن له شيخ فإن الشيطان شيخه وقال أبو علي الثقفي رضي عنه لو أن رجلا جمع العلوم كلها وصحب طوائف الناس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ وإمام أو مؤدب ناصح ومن لم يأخذ آدابه من آمر له وناه يريه عيوب أعماله ورعونات نفسه لا يجوز الاقتداء به في صحيح المعاملات انتهى

وقد استفيد من هذا الكلام ثلاث مسائل

الأولى أن بالتصوف يصل العبد الى الاخلاص الذي هو روح العبادة.

الثانية أن معرفته فرض عين على كل مكلف.

الثالثة أن تحصيل هذا العلم لا بد له من الشيخ

ولفظ هوادي في ترجمة الناظم جمع هاد اسم فاعل من هدى بمعنى بين وأرشد وهو معطوف على مبادىء والتعرف مصدر تعرف إذا طلب المعرفة ولعل المراد المعرفة وعبر بالتعرف للسجع والحاصل أنه وصف المسائل المذكورة في هذا الكتاب بوصفين بكونها يتوقف عليها المقصود ولذلك سماها مبادي وبكونها ترشد للمعرفة فمصدوق المتعاطفين في الترجمة شيء واحد والله أعلم وهو مسائل الكتاب لا أن المبادي غير الهوادي كما قد يعطيه العطف والله أعلم

وَتَوْبةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ يُجتَرَمْ

تَجِبُ فَوْراً مُطْلَقاً وهْيَ النَّدَمْ

بِشَرْطِ الاِقْلاَعِ ونَفْيِ الاِصْرَارْ

وليَتلاَفَ مُمْكِناً ذَا اسْتِغْفارْ

أخبر أن التوبة تجب أي وجوب الفرائض على الأعيان من كل ذنب أي كبيرا كان أو صغيرا كان حقا لله تعالى أو لآدمي أو لهما كان الذنب معلوما عنده أو مجهولا فتجب التوبة من الذنوب المجهولة إجمالا ومن المعلومة تفصيلا وجملة يجترم بالجيم صفة الذنب ومعناها يذنب لأن الجرم هو الذنب، قال في الصحاح الجرم الذنب والجريمة منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015