قدم على المناجاة قيل له (اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى) والحاج قادم على الأرض المباركة المقدسة ثم قصد بمخالفته حالته المعتادة ليتنبه لعظيم ما هو فيه فلا يوقع خللا ينافيه ثم أمره بالاحرام لأنه لما دعي وأتى مجيبا قيل له قدم النية وأظهر ما أتيت إليه فقال لبيك إجابة بعد إجابة وأمره أن لا يفعل ذلك إلا بعد الصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر فكأنه قيل له انته عن الرعونات البشرية وتهيأ على الاقدام لله تعالى وقد أمر الله تعالى سيدنا موسى عليه السلام قبل مناجاته بصيام أربعين يوما لكن لما علم منك أيها العبد من الضعف ما علم لم يأمرك بذلك واكتفى منك بالصلاة مع حضور القلب وترك ما نهاك عنه ثم جعل ميقاتين زمانيا ومكانيا إشارة الى تعظيم هذه العبادة وأن العبد يحصل له بها الشرف فإنه إذا أعطي الزمان والمكان شرفا وحرمة بسبب القرب وهما مما لا يعقل كان العبد أولى وأمر عبيده بترك الرفاهية وإلقاء التفث إشارة إلى حظوظ النفس وأن العبد إذا قدم على مولاه لا يأتيه إلا خاضعا ذليلا ولا يشتغل بغير الله ونهى العبد عن الصيد إشارة إلى أن من دخل الحرم فهو آمن ولطمع العبد حينئذ في تأمين مولاه وشرع الغسل لدخول مكة إشارة إلى تطهير قلبه مما عساه اكتسبه من حال إحرامه الى وقت الدخول في محل الملك وأنه لا ينبغي أن يدخل إلا بعد تصفيته من جميع الأكدار وشرع طواف القدوم إشارة إلى تعجيل إكرامه لأن الضيف ينبغي أن يقدم إليه ما حضر ثم يهيأ له ما يليق به وكان سبعة أشواط لأن أبواب جهنم سبعة فكل شوط يغلق عنه بابا ثم يركع بعد الطواف زيادة في القرب والتداني لأن أقرب ما يكون العبد من مولاه وهو ساجد وأمره بعد ذلك بالسعي والبداية بالصفا إشارة إلى أن العبد إذا أطاع مولاه أوصلته طاعته إلى محل الصفا وصفاء القلوب ثم أمره بالنزول والمسير إلى المروة إشارة إلى أن العبد ينبغي له أن يتردد في طاعة ربه بين صفاء القلوب بخلوه مما سوى ربه وبين المروة بالسمت الحسن وترك المجانة وأمره أن يفعل ذلك سبعا إما للمبالغة في الإبعاد عن جهنم وإما لما في السبع من الحكم التي لا يحيط بكنهها إلا رب الأرباب جعل الأيام والأقاليم سبعا والأفلاك سبعا وتطور الإنسان سبعا وطباق العين سبعا وأمره أن يسجد على سبع وجعل السموات سبعا والأرضين سبعا وجعل رزق الانسان سبعا وأبواب جهنم سبعا إلى غير ذلك ثم أمره بالخروج إلى منى إشارة إلى بلوغ المنى ثم بالسير الى عرفات لأنه محل المعرفة والمناجاة تشبيها بنبيه سيدنا موسى عليه السلام وتنبيها على شرف هذه الأمة بأن شرع لها ما شرع لأنبيائه مثله وخصها بأشياء وأمره بالدعاء لأنه ينور القلب