أن يعتمر في المحرم قاله مالك ثم استثقله وقد تقدم قبل قوله ومنع الاحرام صيد البر ما يستحب لمن كمل حجه وفرغ منه ورجع الى مكة من كثرة التطوع بالطواف وشرب ماء زمزم إلى آخر ما ذكر هنالك وقد سئل مالك رضي الله عنه أيهما أحب إليك المجاورة أو القفول فقال السنة الحج ثم القفول وكان عمر رضي الله عنه إذا فرغ من حجه يقول يا أهل اليمن يمنكم ويا أهل العراق عراقكم ويا أهل الشام شامكم ويا أهل مصر مصركم وهذا والله أعلم لأن الغالب العجز عن آداب المجاورة إذ الجناب العظيم لا سيما معه عليه الصلاة والسلام ولا يخلو الانسان من الهفوات والكسل غالبا وقد حكي عن بعض كبار الصوفية أنه جاور بمكة أربعين سنة ولم يبل في الحرم ولم يضطجع فمثل هذا تستحب له المجاورة وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحاج حكى الشيخ الجليل أبو عبد الله الفاسي رحمه الله تعالى أنه احتاج الى حاجة الانسان وهو بالمدينة المشرفة فخرج الى موضع من تلك المواضع وعزم أن يقضي فيه حاجته فسمع هاتفا ينهاه عن ذلك فقال الحجاج يعملون هذا فأجابه الهاتف بأن قال وأين الحجاج ثلاث مرات وقد لوح الناظم لهذا المعنى بقوله وارع الحرمة لجانب البيت وزد في الخدمة
وسُرْ لِقَبْرِ الْمُصْطَفَى بأَدَبٍ
ونيَّةٍ تُجَبْ لِكُلِّ مَطْلَبِ
سَلِّمْ عليْهِ سِرْ إِلَى الصِّدِّيق
ثُمَّ الَى عُمَرَ تَفُوزُ بِالتَّوفِيقِ
وَاعلَمْ بِأَنَّ ذَا المَقَامِ يُستَجابْ
فِيْهِ الدّعا فَلا تَمَلَّ مِنْ طِلاَبْ
وَسَلْ شَفَاعَةً وَخَتْماً حَسَناَ
وَعَجِّلِ الأَوْبَةَ إذْ نِلْتَ المُناَ
وادْخُلْ ضُحىً وَاصْحَبْ هَدِيَّة السُّرُورْ
الَى الأَقاَرِبِ وَمَنْ بِكَ يَدُورْ
إذا خرج الحاج من مكة يستحب له الخروج من كدا ولتكن نيته وعزيمته وكليته زيارته وزيارة مسجده وما يتعلق بذلك لا يشترك معه غيره لأنه صلى الله عليه وسلم متبوع لا تابع فهو رأس الأمر المطلوب والمقصود الأعظم فإن زيارته سنة مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها وليكثر الزائر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه ويكبر على كل شرف ويقول ما تقدم ويستحب أن ينزل خارج المسجد فيتطهر ويركع ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب ويجد التوبة ثم ليمش على رجليه فإذا وصل المسجد فليبدأ بالركوع إن كان وقت يجوز فيه الركوع وإلا فليبدأ بالقبر الشريف ويكون ركوعه في محراب النبي إن قدر أو في الروضة أو في غيره من المواضع ثم يتقدم إلى القبر الشريف ولا يلتصق به ويستقبله وهو متصف بكثر الذل والمسكنة والانكسار والفقر والفاقة والاضطرار ويشعر نفسه أنه واقف بين يديه صلى الله عليه وسلم إذ لا فرق بين موته وحياته فيبدأ بالسلام عليه قال مالك فيقول السلام عليك أيها