وهو أن من لم يخرج من بين العلمين أي الجبلين لا حج له فتحصل بسبب ذلك المزاحمة
العظيمة والضرر الكبير وربما أسرع بعض الناس بالخروج وقرص الشمس لم يغب فيذهب بغير حج فينبغي أن يخرج من ناحية أخرى ليسلم من ذلك ويعلم من يراه من الناس أن ذلك ليس بشرط ولا سيما إن كان ممن يقتدى به فإن لم تكثر الزحمة فيكره المرور من غير ما بين المأزمين وهما الجبلان اللذان يمر الناس من بينهما إلى المزدلفة ويذكر الله في طريقه ويؤخر المغرب حتى يصل إلى المزدلفة فإذا وصل إليها صلى المغرب والعشاء جمعا ويقصر العشاء بأذانين وإقامتين إن تيسر له من الإمام وإلا ففي رحله ويتم أهل مزدلفة بها والضابط في التقصير أن أهل كل مكان يتمون به ويقصرون فيما سواه فأهل مكة يتمون بها ويقصرون فيما سواها من منى وعرفة ومزدلفة ويتم أهل عرفة بعرفة ويقصرون بمنى ومزدلفة ويتم أهل مزدلفة بها ويقصرون في عرفة ومنى ويتم أهل منى بها ويقصرون في عرفة ومزدلفة ويبدأ بالصلاة حين وصوله قال مالك ولا بأس بحط الرحل الخفيف قبل الصلاة وأما المحامل فلا ولا يتعشى إلا بعد الصلاتين إلا أن يكون عشاء خفيفا فلا بأس به بعد صلاة المغرب وقبل العشاء وبعدهما أولى بالنزول بمزدلفة واجب والمبيت به إلى الفجر سنة كما تقدم فإن لم ينزل بالكلية فعليه الدم ولا يكفي في النزول إناخة البعير بل لا بد من حط الرحل والجلوس ساعة قال سند الواجب يحصل بحط الرحل والاستمكان من اللبث ويستحب إحياء هذه الليلة بالعبادة وأن يصلى بمزدلفة الصبح في أول وقتها والى النفر لمزدلفة وجمع العشاءين والمبيت بها وإحياء تلك الليلة وصلاته بها الصبح وأشار بقوله (وانفل لمزدلفة وتنصرف) إلى قوله (وصل صبحك) ثم إذا صلى الصبح يقف بالمشعر الحرام مستقبل القبلة والمشعر عن يساره فيثني على الله تعالى ويصلي على نبيه ويدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين والمشعر اسم لبناء مزدلفة ويطلق على جميعها وكلها موقف ولا وقوف عند المشعر قبل صلاة الصبح ولا بعد الإسفار ويلقط سبع حصيات لجمرة العقبة من المزدلفة وأما
بقية الجمار فيلقطها من أي موضع شاء من منى أو غيرها ثم يدفع قرب الإسفار إلى منى ويحرك دابته ببطن محسر وهو قدر رمية بحجر ويسرع الماشي في مشيه وقد تقدم أن الإسراع في ثلاثة مواضع فهو أحد مثلثات الحج فإذا وصل إلى منى أتى جمرة العقبة على هيئته من ركوب أو مشي إلا أن يكون في إتيانه كذلك إذاية للناس فيحط رحله ويأتي فإذا وصل إليها وهي على طريق منى استقبلها ومنى عن يمينه ومكة عن يساره ثم يرميها بسبع حصيات متواليات يكبر مع كل حصاة فإن رماها من فوقها أجزأ وليستغفر الله فإذا رمى جمرة العقبة في يوم النحر فقد حصل له التحلل الأول ثم يرجع إلى منى فينزل حيث أحب وينحر هديه إن أوقفه بعرفة وإن لم يقف به بعرفة نحره