في الإبتداء قد ينكرالعقل جوازه بل يتوهمه مستحيلاً كماتوهمته المعتزلة وأمابعدالنظر في وحدانيته تعالى وإنفراده بخلق جميع الممكنات وإرادتها بلا واسطة خيراً كان أوشراً وأن الأفعال كلها بالنسبة إليه تعالى سواء لانفع له في طاعةٍ ولاضرر ولانقص يلحقه جل وعلا بكفر كافرٍ أومعصية عاصٍ ولاحرج عليه ولاحكم لأحد عليه فتعلم حينئذٍ على القطع إنمايترتب منه سبحانه على الكفر من العذاب الأليم وعلى الطاعة من النعيم المقيم لوعكس تعالى في ذلك أولم يرتب جل وعلا عليهما شيئاً أصلاً لم يلزم على ذلك بالنظر إلى حقيقة الطاعة والكفر والمعصية نقص ولامحال أصلاً قال في شرح الصغرى واعلم إن الحركة والسكون للجرم يصح أن يمثل بهمالأقسام الحكم العقلي الثلاثة فالواجب العقلي ثبوت أحدهما لابعينه للجرم والمستحيل نفيهما معاً عن الجرم والجائز ثبوت أحدهما بالخصوص للجرم واعلم أن معرفة هذه الأقسام الثلاثة وتكريرها وتأنيس القلب بأمثلتها حتى لايحتاج الفكر في إستحضارمعانيهاإلى كلفةٍ أصلاً مماهو
ضروري على كل عاقلٍ يريدأن يفوز بمعرفة الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام بل قال إمام الحرمين وجماعة إن معرفة هذه الأقسام الثلاثة هي نفس العقل فمن لم يعرف معانيها فليس بعاقل اهـ (تنبيهان) الأول المراد بالواجب المذكورهوالواجب الذاتي وأما الواجب العرضي وهومايجب لتعلق علم الله تعالى به كتعذيب أبي جهل فإنه بالنظرإلى ذاته جائزيصح في العقل وجوده وعدمه وبالنظر إلى ماأخبربه الصادق المصدوق صلاة الله وسلامه عليه من إرادة الله تعالى لعذابه هو واجب لايتصورفي العقل عدمه وإنما لم يقيد الناظم الواجب بكونه ذاتياً لأنه عند الإطلاق لايحمل إلا على الذاتي ولايحمل على العرضي إلا بالتقييد على أنه لايبعدأن يكون تساهل في حذف مايدل عليه من هذا القسم إعتماداً على ماأثبته في الثاني حيث قال وماأبى الثبوت عقلاً فيكون معنى قوله هنافواجب أي عقلاً ولاإشكال بعد هذا في حذفه من قسم الجائز لاسيماوالتقسيم إنماهوفي الحكم العقلي وماوجب أواستحال أوجازعقلاً فهوالذاتي وكذلك المستحيل المذكورهوأيضاً الذاتي وأماالمستحيل لعارضٍ منفصلٍ عنه فهومن قبيل الجائز كاستحالة إيمان أبي لهب فإنهالماعرض لإيمانه من إرادة الله تعالى لعدمه والمراد بالجائز أيضاً مايصح في العقل وجوده وعدمه أي لايلزم من هذين التقديرين فيه محال لذاته ويدخل فيه ثلاثة أقسام الأول الجائز المقطوع بوجوده كاتصاف الجرم المطلق بخصوص البياض وخصوص الحركة ونحوها وكالبعث والثواب والعقاب ونحو ذلك وهذا هو الواجب العرضي.