من يعرف هذا غير رسول الله فساغ التعجب منه ثم زال بإعلامهم أنه جبريل لأنه تبين أنه عالم في صورة متعلم ليعلمهم ثم قال عند قوله أن تؤمن بالله أى بأنه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في الألوهية وهي استحقاق العبادة منفرد بخلق الذوات بصفاتها وأفعالها وبقدم ذاته وصفاته الذاتية تعالى لها صفات حياة منزهة عن الروح وعلم بلا ارتسام لصورة في قلب ولا دماغ وإنما هو صفة تتميز بها الأشياء يتعلق بكل ما كان وما هو كائن بعلم واحد وكل من صفاته لا تكثر فيه التكثير في المتعلقات وقدرة على الممكنات وإرادة لجميع الكائنات لم تجدد له إرادة بتجدد المرادات وبأن الطاعات بإرادته ومحبته ورضاه وأمره والكل بقضائه وقدره وسمع بلا صماخ وبصر بلا حدقة وكلام بلا حرف ولا صوت منزه عما يعتري كلامنا النفسي من الخرس الباطن منزه عن قيام حادث به من حركة وسكون أوتحيز فصفاته ليست أعراضا ولا عين ذاته ولا غيرها وبأنه أحدث العالم باختياره من غير أن يحصل له به كمال لم يكن قبله ولم يتجدد له بإيجاد اسم ولا صفة لم يزل بأسمائه وصفات ذاته لا شبيه له في ذاته ولا يصفاته ولا في أفعاله منزه عن الجهة والجسمية وصفاتهما ولوازمهما وكل سمة نقص أولا كمال فيها وبأنه لا يكون في ملكه إلا ما شاء من خير وشر ونفع وضر بل لا تقع لمحة ناظرة ولا فلتة خاطر إلا بإرادته تعالى وبأنه الغنى المطلق فكل موجود مفتقر إليه في وجوده وبقائه وسائر ما يمده ويجمع ذلك كله أنه تعالى متصف بكل كمال منزه عن كل وصف لا كمال فيه ثم قال عند قوله (وملائكته) جمع ملك على غير قياس أوجمع ملاك على وزن مفعل إذ هو من الألوكة وهي الرسالة ثم خفف بنقل الحركة والحذف فصار ملكا وقيل فيه غير ذلك وتاؤه لتأنيث الجمع وقيل للمبالغة غلب فى الأجسام النورانية المبرأة من الكدورات الجسمانية القادرة على التشكل بالأشكال المختلفة أي بأنهم عباد له كما زعم المشركون من تألهم مكرمون لا كما زعم اليهود من نقصهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وبأنهم سفراء الله بينه وبين خلقه متصرفون فيهم كما أذن صادقون فيما أخبروا به عنه وأنهم بالغون من الكثرة مالا يعلمه إلا الله تعالى وما يعلم جنود ربك إلا هو أطت السماء وحق لها أن تئط ما من موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أوراكع (وكتبه) أي كلام الله الأزلي القديم القائم بذاته المنزه عن الحرف والصوت وبأنه تعالى أنزلها على بعض رسله بألفاظ حادثة في ألواح أوعن لسان الملك وبأن كل ما تضمنته حق وصدق وبأن بعض أحكامها نسخ وبعضها لم ينسخ قال الزمخشري وغيره وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015